هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب (18) قوله تعالى: (قل إني أمرت) قال مقاتل: وذلك أن كفار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على الذي أتيتنا به؟! ألا تنظر إلى ملة آبائك فتأخذ بها؟! فنزلت هذه الآية، والمعنى:
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين) أي: أمرت أن أعبده على التوحيد والإخلاص السالم من الشرك، (وأمرت لأن أكون أول المسلمين) من هذه الأمة.
(قل إني أخاف إن عصيت ربي) بالرجوع إلى دين آبائي (عذاب يوم عظيم) وقد اختلفوا في نسخ هذه الآية كما بينا في نظيرتها في الأنعام.
(قل الله أعبد مخلصا له ديني) بالتوحيد، (فاعبدوا ما شئتم)، وهذا تهديد، وبعضهم يقول: هو منسوخ بآية السيف، وهذا باطل، لأنه لو كان أمرا، كان منسوخا، فأما أن يكون بمعنى الوعيد، فلا وجه لنسخه.
(قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم) بأن صاروا إلى النار (و) خسروا (أهليهم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم خسروا الحور العين اللواتي أعددن ما لهم في الجنة لو أطاعوا، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: خسروا الأهل في النار، إذ لا أهل لهم فيها، قاله مجاهد، وابن زيد.
والثالث: خسروا أهليهم الذين كانوا في الدنيا، إذ صاروا إلى النار بكفرهم، وصار أهلوهم إلى الجنة بإيمانهم، قاله الماوردي.
قوله تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار) وهي الأطباق من النار. وإنما قال: (ومن تحتهم ظلل) لأنها ظلل لمن تحتهم (ذلك) الذي وصف الله من العذاب (يخوف الله به عباده) المؤمنين.
قوله تعالى: (والذين اجتنبوا الطاغوت) روى ابن زيد عن أبيه أن هذه الآية والتي بعدها نزلت في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يوحدون الله تعالى: زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذر،