(أو يزوجهم) يعني الإناث والذكور، قال الزجاج: ومعنى " يزوجهم ": يقرنهم، وكل شيئين يقترن أحدهما بالآخر، فهما زوجان، و يقال لكل واحد منهما: زوج، تقول: عندي زوجان من الخفاف، يعني اثنين. وفي معنى الكلام للمفسرين قولان:
أحدهما: أنه وضع المرأة غلاما ثم جارية ثم غلاما ثم جارية، قاله مجاهد، والجمهور.
والثاني: أنه وضع المرأة جارية وغلاما توأمين، قاله ابن الحنفية. قالوا: وذلك كما جمع لمحمد صلى الله عليه وسلم فإنه وهب له بنين وبنات، (ويجعل من يشاء عقيما) لا يولد له، كيحيى بن زكريا عليهما السلام. وهذه الأقسام موجودة في سائر الناس، وإنما ذكروا الأنبياء تمثيلا.
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورأى حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه على حكيم (51) وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (52) صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور (53) قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) قال المفسرون: سبب نزولها أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا صادقا كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فقال لهم:
" لم ينظر موسى إلى الله "، ونزلت هذه الآية. والمراد بالوحي هاهنا: الوحي في المنام.
(أو من وراء حجاب) كما كلم موسى.
(أو يرسل) قرأ نافع، وابن عامر: " يرسل " بالرفع (فيوحي) بسكون الياء. وقرأ الباقون:
" يرسل " بنصب اللام " فيوحي " بتحريك الياء، والمعنى: " أو يرسل رسولا " كجبرائيل " فيوحي " ذلك الرسول إلى المرسل إليه فيه (بإذنه ما يشاء). قال مكي بن أبي طالب: من قرأ " أو يرسل " بالنصب، عطفه على معنى قوله: " إلا وحيا " لأنه بمعنى: إلا أن يوحي. ومن قرأ بالرفع، فعلى الابتداء، كأنه قال: أو هو يرسل. قال القاضي أبو يعلى: وهذه الآية محمولة على أنه لا يكلم بشرا إلا من وراء حجاب في دار الدنيا.
قوله تعالى: (وكذلك) أي: وكما أوحينا إلى الرسل (أوحينا إليك)، وقيل: الواو عطف