قوله [عز وجل]: (ألم تر إلى الذين نافقوا) يعني: عبد الله بن أبي وأصحابه (يقولون لإخوانهم) في الدين، لأنهم كفار ملتهم، وهم اليهود (لئن أخرجتم) من المدينة (لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم) أي: في خذلانكم (أحدا أبدا) فكذبهم الله تعالى [في ذلك بقوله:
(والله يشهد إنهم لكاذبون)] ثم ذكر أنهم يخلفونهم ما وعدوهم من الخروج والنصر بالآية التي تلي هذه، فكان الأمر على ما ذكره الله تعالى، لأنهم أخرجوا فلم يخرج معهم الباقون، وقوتلوا فلم ينصرونهم، ومعنى (ولئن نصروهم): لئن قدر وجود نصرهم، لأن الله نفى نصرهم، فلا يجوز وجوده. وقوله [عز وجل]: (ثم لا ينصرون) يعني: بني النضير.
قوله [عز وجل]: (لأنتم أشد) يعني: المؤمنين أشد (رهبة في صدورهم) وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم المنافقون، قاله مقاتل.
والثاني: بنو النضير، قاله الفراء. تعالى [عز وجل]: (لا يقاتلونكم جميعا) فيهم قولان.
أحدهما: أنهم اليهود، قاله مقاتل.
والثاني: اليهود والمنافقون، قاله أبو سليمان الدمشقي. والمعنى: أنهم لا يبرزون لحربكم، إنما يقاتلون متحصنين (في قرى محصنة أو من وراء جدر) وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبان " من وراء جدار " بألف. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي " جدر " بضم الجيم والدال. وقرأ أبو بكر الصديق، وابن أبي عبلة " جدر " بفتح الجيم والدال جميعا، وقرأ عمر بن الخطاب، ومعاوية، وعاصم الجحدري " جدر " بفتح الجيم وسكون الدال. وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعكرمة، والحسن، وابن سيرين، وابن يعمر " جدر " بضم الجيم وإسكان الدال (بأسهم بينهم شديد) وفيه قولان:
أحدهما: عداوة بعضهم لبعض شديدة. والثاني: أن بأسهم بينهم فيما وراء الحصون شديد، وإذا