وقوله [عز وجل]: (ما قطعتم من لينة) سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير، وقطع فنزلت هذه الآية، أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر. وذكر المفسرون أنه لما نزلت ببني النضير تحصنوا في حصونهم، فأمر بقطع نخيلهم، وإحراقها، فجزعوا، وقالوا: يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر، وقطع النخل؟
وهل وجدت فيما أنزل عليك الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ووجد المسلمون في أنفسهم من قولهم. واختلف المسلمون، فقال بعضهم: لا تقطعوا، فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: بل نغيظهم بقطعها، فنزلت الآية بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه، من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله تعالى، وفي المراد " باللينة " ستة أقوال:
أحدها: أنه النخل كله ما خلا العجوة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وبه قال عكرمة، وقتادة، والفراء.
والثاني: أنها النخل والشجر، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أنه ألوان النخل كلها إلا العجوة، والبرنية، قاله الزهري، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. وقال الزجاج: أهل المدينة يسمون جميع النخيل: الألوان، ما خلا البرني، والعجوة.
وأصل " لينة " لونة، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
والرابع: أنها النخل كله، قاله مجاهد وعطية، وابن زيد. قال ابن جرير: معنى الآية: ما قطعتم من ألوان النخيل.