موضعه فرد إلى موضعه الذي هو له، فيكون المعنى: أفأنت تنقذ من في النار من حقت عليه كلمة العذاب؟ ومثله: (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) فد " أنكم مرتين، والمعنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم؟ ومثله: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) ثم قال: (فلا تحسبنهم) فرد " تحسبن " مرتين، والمعنى: لا تحسبن الذين يفرحون بمفازة من العذاب. وقال الزجاج: يجوز أن يكون في الكلام محذوف، تقديره: أفمن حق عليه كلمة العذاب فيتخلص منه أو ينجو، أفأنت تنقذه؟ قال المفسرون: أفأنت تخلصه مما قدر له فتجعله مؤمنا؟ والمعنى: ما تقدر على ذلك. قال عطاء: يريد بهذه الآية أبا لهب وولده ومن تخلف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان.
قوله تعالى: (لكن الذين اتقوا) وقرأ أبو المتوكل، وأبو جعفر " لكن " بتشديد النون وفتحها. قال الزجاج: والغرف: هي المنازل الرفيعة في الجنة، (من فوقها غرف) أي:
منازل أرفع منها.
(وعد الله) منصوب على المصدر، فالمعنى: وعدهم الله غرفا وعدا. ومن قرأ: " وعد الله " بالرفع، المعنى: ذلك وعد الله.
ألم تر أن الله من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (21) قوله تعالى: (أنزل من السماء ماء) قال الشعبي: كل ما في الأرض فمن السماء ينزل (فسلكه ينابيع) قال ابن قتيبة: أي: أدخله فجعله ينابيع، أي: عيونا تنبع، (ثم يهيج) أي: ييبس. قال الأصمعي: يقال للنبت إذا تم جفافه: قد هاج يهيج هيجا.
فأما الحطام، فقال أبو عبيدة: هو ما يبس فتحات من النبات، ومثله الرفات. قال مقاتل:
هذا مثل ضرب للدنيا، بينا ترى النبت أخضر، إذ تغير فيبس ثم هلك، وكذلك الدنيا وزينتها.
وقال غيره: هذا البيان للدلالة على قدرة الله عز وجل.
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر