الجهاد. وقرأ أبو بكر عن عاصم: " وليبلونكم " بالياء " حتى يعلم " بالياء " ويبلو " بالياء فيهن. وقرأ معاذ القارئ وأيوب السختياني: " أخياركم " بالياء جمع " خير ".
قوله تعالى: (إن الذين كفروا...) الآية اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أنها في المطعمين يوم بدر، قاله ابن عباس.
والثاني: أنها نزلت في الحارث بن سويد، ووحوح الأنصاري، أسلما ثم ارتدا، فتاب الحارث ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبى صاحبه أن يرجع حتى مات، قاله السدي.
والثالث: أنها في اليهود، قاله مقاتل.
والرابع: أنها في قريظة والنضير، ذكره الواحدي.
قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) اختلفوا في مبطلها على أربعة أقوال:
أحدها: المعاصي والكبائر، قاله الحسن.
والثاني: الشك والنفاق، قاله عطاء.
والثالث: الرياء والسمعة، قاله ابن السائب.
والرابع: بالمن، وذلك أن قوما من الأعراب قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتيناك طائعين، قلنا عليك حق، فنزلت هذه الآية، ونزل قوله: " يمنون عليك أن أسلموا "، هذا قول مقاتل. قال القاضي أبو يعلى: وهذا يدل على أن كل من دخل في قربة لم يجز له الخروج منها قبل إتمامها، وهذا على ظاهره في الحج، فأما في الصلاة والصيام، فهو على سبيل الاستحباب.
فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (35) إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم (36) إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (37) ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم (38) قوله تعالى: (فلا تهنوا) أي: فلا تضعفوا (وتدعوا إلى السلم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم: " إلى السلم " بفتح السين، وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم: بكسر السين، والمعنى: لا تدعوا الكفار إلى الصلح ابتداء. وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز طلب الصلح من المشركين، ودلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل مكة صلحا، لأنه نهاه عن الصلح.