للكافرين، والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون (33) لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين (34) ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذين كانوا يعملون (35) قوله تعالى: (فمن أظلم ممن كذب على الله) بأن دعا له ولدا وشريكا (وكذب بالصدق إذ جاءه) وهو التوحيد والقرآن (أليس في جهنم مثوى للكافرين) أي: مقام للجاحدين؟! وهذا استفهام بمعنى التقرير، يعني: إنه كذلك.
قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله علي بن أبي طالب، وابن عباس، وقتادة، وابن زيد. ثم في الصدق الذي جاء به قولان:
أحدهما: أنه " لا إله إلا الله "، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال ابن جبير.
والثاني: القرآن، قاله قتادة.
وفي الذي صدق به ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا، هو جاء بالصدق، وهو صدق به، قاله ابن عباس، والشعبي.
والثاني: أنه أبو بكر، قاله علي بن أبي طالب.
والثالث: أنهم المؤمنون، قاله قتادة والضحاك، وابن زيد.
والقول الثاني: الذي جاء بالصدق: أهل القرآن، وهو الصدق الذي يجيبون به يوم القيامة، وقد أدوا حقه، فهم الذين صدقوا به، قاله مجاهد.
والثالث: أن الذي جاء بالصدق الأنبياء، قاله الربيع، فعلى هذا، يكون الذي صدق به:
المؤمنون.
والرابع: أن الذي جاء بالصدق: جبريل، وصدق به: محمد، قاله السدي.
قوله تعالى: (أولئك هم المتقون) أي: الذين اتقوا الشرك، وإنما قيل: " هم "، لأن معنى " الذي " معنى الجمع، كذلك قال اللغويون، وأنشد أبو عبيدة، والزجاج:
فإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم، كل القوم، يا أم خالد قوله تعالى: (ليكفر الله عنهم) المعنى: أعطاهم ما شاؤوا ليكفر عنهم (أسوأ الذي عملوا)، أي: ليستر ذلك بالمغفرة (ويجزيهم أجرهم) بمحاسن أعمالهم، لا بمساوئها.