وقال الآخر:
الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك - نجوم الليل والقمرا أراد: الشمس طالعة تبكي عليه، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار، فيكون معنى الكلام: إن الله لما أهلك قوم فرعون لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد، هذا كله كلام ابن قتيبة.
ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين (31) ولقد اخترناهم على علم على العالمين (32) وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين (33) إن هؤلاء ليقولون (34) إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين (35) فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (36) أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين (37) وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون (39) إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40) يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42) قوله تعالى: (من العذاب المهين) يعني قتل الأبناء واستخدام النساء والتعب في أعمال فرعون، (إنه كان عاليا) أي: جبارا.
(ولقد اخترناهم) يعني بني إسرائيل (على علم) علمه الله فيهم على عالمي زمانهم، (وآتيناهم من الآيات) كانفراق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى، إلى غير ذلك (ما فيه بلاء مبين) أي: نعمة ظاهرة.
ثم رجع إلى ذكر كفار مكة، فقال (إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى) يعنون التي تكون في الدنيا (وما نحن بمنشرين) أي: بمبعوثين، (فائتوا بآبائنا) أي: ابعثوهم لنا (إن كنتم صادقين) في البعث. وهذا جهل منهم من وجهين:
أحدهما: أنهم قد رأوا من الآيات ما يكفي في الدلالة، فليس لهم أن يتنطعوا.