رواه عنها عطاء أنها قالت: (قول الرجل فعلنا والله كذا وصنعنا والله كذا) وروي مثله عن الحسن والشعبي. وقال سعيد بن جبير: (هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله بتركه). وهذا التأويل موافق لتأويل من تأول قوله: (عرضة لأيمانكم) أن يمتنع باليمين من فعل مباح أو يقدم بها على فعل محظور.
وإذا كان اللغو محتملا لهذه المعاني، ومعلوم أنه لما عطف قوله: (ولكن يؤاخذكم بما كسبت) أن مراده ما عقد قلبه فيه على الكذب والزور، وجب أن تكون هذه المؤاخذة هي عقاب الآخرة وأن لا تكون الكفارة المستحقة بالحنث، لأن تلك الكفارة غير متعلقة بكسب القلب، لاستواء حال القاصد بها للخير والشر وتساوي حكم العمد والسهو، فعلم أن مراده: ما يستحق من العقاب بقصده إلى اليمين الغموس، وهي اليمين على الماضي قال القاصد بها خلافها إلى الكذب، فينبغي أن يكون اللغو هي التي لا يقصد بها إلى الكذب وهي على الماضي ويظن أنه كما حلف عليه، فسماها لغوا من حيث لم يتعلق بها حكم في إيجاب كفارة ولا في استحقاق عقوبة، وهي التي روي معناها عن ابن عباس وعائشة أنها قول الرجل (لا والله وبلى والله) في عرض كلامه وهو يظن أنه صادق، فكان بمنزلة اللغو من الكلام الذي لا فائدة فيه ولا حكم له. ويحتمل أن يريد به ما قال سعيد بن جبير فيمن حلف على الحرام (فلا يؤاخذه الله بتركه) يعني به عقاب الآخرة وإن كانت الكفارة واجبة إذا حنث. وقال مسروق: (كل يمين ليس له الوفاء بها فهي لغو لا تجب فيها كفارة) وهذا موافق لقول سعيد بن جبير، والأولى الذي قدمنا إلا أن سعيدا يوجب الكفارة ومسروقا لا يوجبها وإن حنث. وقد روي عن ابن عباس رواية أخرى. وهي أن لغو اليمين ما تجب فيه الكفارة منها. وروي مثله عن الضحاك. وروي عن ابن عباس أن لغو اليمين حنث النسيان.
باب الإيلاء قال الله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) قال أبو بكر: الإيلاء في اللغة هو الحلف يقولون: آلى يؤلي إيلاء وإليه قال كثير:
قليل الألا يا حافظ ليمينه * وإن بدرت منه الآلية برت فهذا أصله في اللغة. وقد اختص في الشرع بالحلف على ترك الجماع الذي يكسب الطلاق بمضي المدة، حتى إذا قيل آلى فلان من امرأته عقل به ذلك.
وقد اختلف فيما يكون به موليا على وجوه، أحدها: ما روي عن علي وابن عباس رواية الحسن وعطاء: أنه إذا حلف أن لا يقر بها لأجل الرضاع لم يكن موليا، وإنما