فعل الصوم فقد زال المعنى وصار بمنزلة الصحيح فأجزى عن صوم الشهر على أي وجه صام والله أعلم.
باب في عدد قضاء رمضان قال الله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) فذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف، وهشام عن محمد، من غير خلاف من أحد من أصحابنا قالوا: (إذا صام أهل بلد تسعة وعشرين يوما للرؤية وفي البلد رجل مريض لم يصم فإنه يقضي تسعة وعشرين يوما، فإن صام أهل بلد ثلاثين يوما للرؤية وصام أهل بلد تسعة وعشرين يوما للرؤية فعلم بذلك من صام تسعة وعشرين يوما، فإن عليهم أن يقضوا يوما وعلى المريض المفطر قضاء ثلاثين يوما). وحكى بعض أصحاب مالك بن أنس عنه (أنه يقضي رمضان بالأهلة). وذكر عنه أشهب أنه سئل عمن مرض سنتين ثم مات عن غير قضاء (أنه يطعم عنه ستين مسكينا لكل مسكين مدا). وقال الثوري فيمن مرض رمضان وكان تسعة وعشرين يوما: (إنه يصوم الذي كان عليه). وقال الحسن بن صالح: (إن مرض رجل شهر رمضان فأفطره من أوله إلى آخره ثم ابتدأ شهرا يقضيه فكان هذا الشهر الذي يقضي فيه تسعة وعشرين يوما أجزأه عن شهر رمضان الذي أفطر، وإن كان ثلاثين يوما لأنه جزاء شهر بشهر وإن كان ابتداء القضاء على غير استقبال شهر أتم ثلاثين يوما، وإن كان شهر رمضان تسعة وعشرين يوما لأن الشهر لا يكون تسعة وعشرين يوما إلا شهرا من أوله إلى آخره).
قال أبو بكر: إذا كان الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما ثم أراد المريض القضاء، فإنه يقضيه بعدد أيام شهر الصوم الذي أفطر فيه سواء ابتدأ بالهلال أو من بعض الشهر، وذلك لقوله عز وجل: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) ومعناه:
فعدد من أيام أخر، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) يعني العدد. وإذا كان الله سبحانه قد أوجب عليه قضاء العدد من أيام أخر، لم يجز الزيادة عليه ولا النقصان منه، سواء كان الشهر الذي يقضيه ناقصا أو تاما.
فإن قيل: إن كان الذي أفطر فيه شهرا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الشهر تسعة وعشرون، الشهر ثلاثون) فأي شهر أتى به فقد قضى ما عليه لأنه شهر بشهر. قيل له: لم يقل الله تعالى: (فشهر من أيام أخر) وإنما قال (فعدة من أيام أخر) فأوجب استيفاء عدد ما أفطر، فوجب اتباع ظاهر الآية ولم يجز العدول عنها إلى معنى غير مذكور، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: (ولتكملوا العدة) يعني العدد، فإذا كان الشهر الذي أفطر فيه ثلاثين