لم يصبها حتى تنقضي عدتها فلا سبيل له إليها ولا رجعة، إلا أن يكون له عذر من مرض أو سجن أو ما أشبه ذلك، فإن ارتجاعه إياها ثابت عليها وإن مضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك، فإن لم يصبها حتى ينقضي أربعة أشهر وقف أيضا). وقال إسماعيل بن إسحاق:
قال مالك: (إن مضي الأربعة الأشهر وهو مريض أو محبوس لم يوقف حتى يبرأ، لأنه لا يكلف مالا يطيق). وقال مالك: (لو مضت أربعة أشهر وهو غائب إن شاء كفر عن يمينه وسقط عنه الإيلاء). قال إسماعيل: وإنما قال ذلك في هذا الموضع لأن الكفارة قبل الحنث جائزة عنده، وإن كان لا يستحب أن يكون إلا بعد الحنث. وقال الأشجعي عن الثوري في المولي إذا كان له عذر من مرض أو كبر أو حبس أو كانت حائضا أو نفساء: (فليفئ بلسانه، يقول: قد فئت إليك، يجزيه ذلك، وهو قول الحسن بن صالح. وقال الأوزاعي: (إذا آلى من امرأته ثم مرض أو سافر فأشهد على الفئ من غير جماع وهو مريض أو مسافر ولا يقدر على الجماع، فقد فاء فليكفر عن يمينه وهي امرأته، وكذلك إن ولدت في الأربعة الأشهر أو حاضت أو طرده السلطان فإنه يشهد على الفئ ولا إيلاء عليه). وقال الليث بن سعد: (إذا مرض بعد الإيلاء ثم مضت أربعة أشهر فإنه يوقف كما يوقف الصحيح، فإما فاء وإما طلق، ولا يؤخر إلى أن يصح). وقال المزني عن الشافعي: (إذا آلى المجبوب ففيئه بلسانه) وقال في الإملاء: (لا إيلاء على المجبوب) قال: (ولو كانت صبية فآلى منها استؤنفت به أربعة أشهر بعد ما تصير إلى حال يمكن جماعها، والمحبوس يفئ باللسان، ولو أحرم لم يكن فيئه إلا الجماع، ولو آلى وهي بكر فقال لا أقدر على اقتضاضها أجل أجل العنين).
قال أبو بكر: الدليل على أنه إذا لم يقدر على جماعها في المدة كان فيئه باللسان قوله: (فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم) وهذا قد فاء لأن الفئ الرجوع إلى الشئ، وهو قد كان ممتنعا من وطئها بالقول وهو اليمين، فإذا فاء بالقول فقال (قد فئت إليك) فقد رجع عما منع نفسه منه بالقول إلى ضده، فتناوله العموم، وأيضا لما تعذر جماعها قام القول فيه مقام الوطء في المنع من البينونة. وأما تحريم الوطء بالإحرام والحيض فليس بعذر، أما الإحرام فلأنه كان يفعله ولا يسقط حقها من الوطء، وأما الحيض والنفاس فإن الله جعل للمولى تربص أربعة أشهر مع علمه بوجود الحيض فيها، واتفق السلف على أن المراد الفئ بالجماع في حال إمكان الجماع، فلم يجز أن ينقله عنه إلى غيره مع إمكان وطئها، وتحريم الوطء لا يخرجه من إمكانه، فصار بمنزلة الإحرام والظهار ونحو ذلك، لأنه منع من الوطء بتحريمه لا بالعجز وتعذره، ولأن حقها باق في الجماع. ويدل على ذلك على أنه لو أبانها بخلع وهو مول منها لم يكن التحريم الواقع موجبا لجواز فيئه