شبع فليصم رمضان حيث أدركه). وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال:
حدثنا نصر بن المهاجر قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا عبد الصمد بن حبيب قال: حدثني أبي عن سنان بن سلمة عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدركه رمضان في السفر...) فذكر معناه، فأمره بالصوم في السفر، وهذا على وجه الدلالة على الأفضلية لا على جهة الإيجاب، لأنه لا خلاف أن الصوم في السفر غير واجب عليه. وقد روى عثمان بن أبي العاص الثقفي وأنس بن مالك: أن الصوم في السفر أفضل من الإفطار. والله أعلم.
باب من صام في السفر ثم أفطر وقد اختلف فيمن صام في السفر ثم أفطر من غير عذر، فقال أصحابنا: (عليه القضاء ولا كفارة). وكذلك لو أصبح صائما ثم سافر فأفطر، أو كان مسافرا فصام وقدم فأفطر، فعليه القضاء في هذه الوجوه ولا كفارة عليه. وذكر ابن وهب عن مالك في الصائم في السفر إذا أفطر: (عليه القضاء والكفارة). وقال مرة: (لا كفارة). وروى ابن القاسم عن مالك أن عليه الكفارة وقال: (لو أصبح صائما في حضره ثم سافر فأفطر فليس عليه إلا القضاء). وقال الأوزاعي: (لا كفارة على المسافر في الإفطار). وقال الليث: (عليه الكفارة).
قال أبو بكر: الأصل في ذلك أن كفارة رمضان تسقطها الشبهة، فهي بمنزلة الحد، والدليل على ذلك أنها لا تستحق إلا بمأثم مخصوص كالحدود، فلما كانت الحدود تسقطها الشبهة كانت كفارة رمضان بمثابتها، فإذا ثبت ذلك قلنا: إنه متى أفطر في حال السفر فإن وجود هذه الحال مانع من وجوب الكفارة، لأن السفر يبيح الإفطار فأشبه عقد النكاح وملك اليمين في إباحتهما الوطء وإن كانا غير مبيحين لوطء الحائض، إلا أنهم متفقون على أن وجود السبب المبيح للوطء في الأصل مانع من وجوب الحد وإن لم يبح هذا الوطء بعينه، كذلك السفر وإن لم يبح الإفطار بعد الدخول في الصوم فإنه يمنع وجوب الكفارة، إذ كان في الأصل قد جعل سببا لإباحة الإفطار، فلذلك قلنا: إذا أفطر وهو مسافر فلا كفارة عليه. وقد روى ابن عباس وأنس بن مالك وغيرهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في السفر بعد ما دخل في الصوم) وذلك لتعليم الناس جواز الإفطار فيه، فغير جائز فيما كان هذا وصفه إيجاب الكفارة على المفطر فيه. ووجه آخر: وهو أنه لما لم يكن فعل الصوم مستحقا عليه في السفر أشبه الصائم في قضاء رمضان أو في صوم نذر أو كفارة، فلا تجب عليه الكفارة بإفطاره فيه، إذ كان له بديا أن لا يصومه، ولم يكن لزوم