بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو بكر أحمد بن علي الرازي رضي الله عنه: قد قدمنا في صدر هذا الكتاب مقدمة تشتمل على ذكر جمل مما لا يسع جهله من أصول التوحيد، وتوطئة لما يحتاج إليه من معرفة طرق استنباط معاني القرآن واستخراج دلائله وإحكام ألفاظه، وما تتصرف عليه أنحاء كلام العرب والأسماء اللغوية والعبارات الشرعية، إذ كان أولى العلوم بالتقديم معرفة توحيد الله وتنزيهه عن شبه خلقه وعما نحله المفترون من ظلم عبيده، والآن حتى انتهى بنا القول إلى ذكر أحكام القرآن ودلائله. والله نسأل التوفيق لما يقربنا إليه ويزلفنا لديه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
باب القول في بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو بكر: الكلام فيها من وجوه، أحدها: معنى الضمير الذي فيها، والثاني:
هل هي من القرآن في افتتاحه، والثالث: هل هي من الفاتحة أم لا، والرابع: هل هي من أوائل السور، والخامس: هل هي آية تامة أم ليست بآية تامة، والسادس: قراءتها في الصلاة، والسابع: تكرارها في أوائل السور في الصلاة، والثامن: الجهر بها، والتاسع:
ذكر ما في مضمرها من الفوائد وكثرة المعاني.
فنقول: إن فيها ضمير فعل لا يستغنى الكلام عنه، لأن الباء مع سائر حروف الجر لا بد أن يتصل بفعل إما مظهر مذكور وإما مضمر محذوف. والضمير في هذا الموضع ينقسم إلى معنيين خبر وأمر، فإذا كان الضمير خبرا كان معناه: أبدأ بسم الله، فحذف هذا الخبر وأضمر، لأن القارئ مبتدئ. فالحال المشاهدة منبئة عنه ومغنية عن ذكره.
وإذا كان أمرا كان معناه: ابدأوا بسم الله واحتماله لكل واحد من المعنيين على وجه واحد. وفي نسق تلاوة السورة دلالة على أنه أمر، وهو قوله تعالى: (إياك نعبد) ومعناه قولوا إياك، كذلك ابتداء الخطاب في معنى قوله: (بسم الله) [علق: 1] وقد