الرجل لامرأته). وقال الحسن بن صالح: (لا تجوز شهادة المرأة لزوجها). وقال الشافعي: (تجوز شهادة أحد الزوجين للآخر).
قال أبو بكر: هذا نظير شهادة الوالد للولد والولد للوالد، وذلك من وجوه: أحدها أنه معلوم تبسط كل واحد من الزوجين في مال الآخر في العادة وأنه كالمباح الذي لا يحتاج فيه إلى الاستيذان، فما يثبته الزوج لامرأته بشهادته بمنزلة ما يثبته لنفسه وكذلك ما تثبته المرأة لزوجها، ألا ترى أنه لا فرق في المعتاد بين تبسطه في مال الزوج والزوجة وبينه في مال أبيه وابنه؟ ولما كان كذلك وكانت شهادته لوالده وولده غير جائزة، كان كذلك حكم شهادة الزوج والزوجة. وأيضا فإن شهادته لزوجته بمال توجب زيادة قيمة البضع الذي في ملكه، لأن مهره مثلها يزيد بزيادة مالها، فكان شاهدا لنفسه بزيادة قيمة ما هو مالكه. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لعبد الله بن عمرو بن الحضرمي لما ذكر له أن عبده سرق مرة لامرأته: (عبدكم سرق مالكم، لا قطع عليه!) فجعل مال كل واحد منهما مضافا إليهما بالزوجية التي بينهما، فما يثبته كل واحد لصاحبه فكأنه يثبته لنفسه.
ومن جهة أخرى أنه كلما كثر مال الزوج كانت النفقة التي تستحقها أكثر، فكأنها شاهدة لنفسها، إذ كانت مستحقة للنفقة بحق الزوجية في حالي الفقر والغنى.
فإن قال قائل: فالأخت الفقيرة والأخ الزمن يستحقان للنفقة على أخيهما إذا كان غنيا ولم يمنع ذلك جواز شهادتهما له. قيل له: ليست الأخوة موجبة للاستحقاق، لأن الغني لا يستحقها مع وجود النسب والفقير لا تجب عليه مع وجود الأخوة، والزوجية سبب لاستحقاقها فقيرا كان الزوج أو غنيا فكانت المرأة مثبتة بشهادتها لنفسها زيادة النفقة مع وجود الزوجية الموجبة لها، والنسب ليس كذلك، لأنه غير موجب للنفقة لوجوده بينهما، فلذلك اختلفا.
ومن هذا الباب أيضا شهادة الأجير وقد ذكر الطحاوي، عن محمد بن سنان، عن عيسى، عن محمد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة: (إن شهادة الأجير غير جائزة لمستأجره في شئ وإن كان عدلا استحسانا).
قال أبو بكر: روى هشام وابن رستم عن محمد (أن شهادة الأجير الخاص غير جائزة لمستأجره، وتجوز شهادة الأجير المشترك له) ولم يذكر خلافا عن أحد منهم، وهو قول عبيد الله بن الحسن. وقال مالك: لا تجوز شهادة الأجير لمن استأجره إلا أن يكون مبرزا في العدالة، وإن كان الأجير في عياله لم تجز شهادته له). وقال الأوزاعي: (لا