إلى الأعم الأكثر. وقال قتادة والضحاك: (كانوا أمة واحدة على الحق فاختلفوا).
وقوله: (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) فإن عبد الله بن طاوس يروي عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أن كل أمة أوتوا الكتاب قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله له، ولليهود غد وللنصارى بعد غد). وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام نحوه، إلا أنه قال: (هدانا الله له، يوم الجمعة لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى). ففي هذا الحديث أن المراد بقوله: (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه) هو يوم الجمعة، وعموم اللفظ يقتضي سائر الحق الذي هدي له المؤمنون، ويكون يوم الجمعة أحدها، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
باب من يبدأ به في النفقة عليه قال الله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين) الآية. فالسؤال واقع عن مقدار ما ينفق، والجواب صدر عن القليل والكثير مع بيان من تصرف إليه النفقة، فقال تعالى: (قل ما أنفقتم من خير) فذاك يتناول القليل والكثير لشمول اسم الخير لجميع الانفاق الذي يطلب به وجه الله. وبين فيمن تصرف إليه بقوله:
(فللوالدين والأقربين) ومن ذكر في الآية، وأن هؤلاء أولى من غيرهم ممن ليس هو في منزلتهم بالقرب والفقر، وقد بين في آية أخرى ما يجب عليه فيه النفقة، وهو قوله:
(ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) فروي عن ابن عباس قال: (ما يفضل عن أهلك)، وقال قتادة: (العفو الفضل). فأخبر في هذه الآية أن النفقة فيما يفضل عن نفسه وأهله وعياله، وعلى هذا المعنى قال عليه السلام: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) وفي خبر آخر: (خير الصدقة ما أبقت غنى، وابدأ بمن تعول)، فهذا موافق لقوله:
(ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) [البقرة: 219]. وقد روي عن النبي عليه السلام أخبار في التبدئة بالأقرب فالأقرب في النفقة، فمنها حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول، أمك وأبوك وأختك وأخوك وأدناك فأدناك)، وروى مثله ثعلبة بن زهدم وطارق عن النبي عليه السلام. وقد دل ذلك على معنى الآية في قوله: (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين) وإنما المراد بها تقديم الأقرب فالأقرب في الانفاق. وروي عن الحسن البصري أن الآية في الزكاة والتطوع جميعا، وأنها ثابتة الحكم غير منسوخة عليه. وقال السدي: هي منسوخة بفرض الزكاة.
قال أبو بكر: هي ثابتة الحكم عامة في الفرض والتطوع، أما الفرض فلم يرد به الوالدين