قانع قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول) فقد دل هذا الخبر على معنيين، أحدهما: إيجاب القود في كل عمد، وأوجب ذلك القود على قتل العبد.
والثاني: نفى به وجوب المال، لأنه لو وجب المال مع القود على وجه التخيير لما اقتصر على ذكر القود دونه. ويدل أيضا عليه من جهة النظر: أن العبد محقون الدم حقنا لا يرفعه مضي الوقت، وليس بولد للقاتل ولا ملك له، فأشبه الحر الأجنبي، فوجب القصاص بينهما كما يجب على العبد إذا قتل حرا بهذه العلة، كذلك إذا قتله الحر لوجود العلة فيه. وأيضا فمن منع أن يقاد الحر بالعبد، فإنما منعه لنقصان الرق الذي فيه، ولا اعتبار بالمساواة في الأنفس، وإنما يعتبر ذلك فيما دونها، والدليل على ذلك أن عشرة لو قتلوا واحدا قتلوا به ولم تعتبر المساواة وكذلك لو أن رجلا صحيح الجسم سليم الأعضاء قتل رجلا مفلوجا مريضا مدنفا مقطوع الأعضاء قتل به، وكذلك الرجل يقتل بالمرأة مع نقصان عقلها ودينها وديتها ناقصة عن دية الرجل.
فثبت بذلك أن لا اعتبار بالمساواة في إيجاب القصاص في الأنفس وأن الكامل يقاد منه للناقص، وليس ذلك حكم ما دون النفس لأنهم لا يختلفون في أنه لا تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاء وتؤخذ النفس الصحيحة بالسقيمة. وروى الليث عن الحكم، أن عليا وابن مسعود قالا: (من قتل عبدا عمدا فهو قود).
باب قتل المولى لعبده وقد اختلف في قتل المولى لعبده. فقال قائلون وهم شواذ: يقتل به. وقال عامة الفقهاء: لا يقتل به. فمن قتله احتج بظاهر قوله تعالى: (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر) على نحو ما احتججنا به في قتل الحر بالحر، وقوله: (النفس بالنفس) [المائدة: 45] وقوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) [البقرة: 194] وقوله عليه السلام: (المسلمون تتكافأ دماؤهم) وقد روي حديث عن سمرة بن جندب عن النبي عليه السلام أنه قال: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه).
أما ظاهر الآي فلا حجة لهم فيها، لأن الله تعالى إنما جعل القصاص فيها للمولى بقوله تعالى: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) [الإسراء: 33] وولي العبد هو