السكنى إن كانت الدار للزوج، وإن كان عليه دين فالمرأة أحق بسكناها حتى تنقضي عدتها، وإن كانت في بيت بكراء فأخرجوها لم يكن لها سكنى في مال الزوج) هذا رواية ابن وهب عنه، وقال ابن القاسم عنه: (لا نفقة لها في مال الميت ولها السكنى إن كانت الدار للميت، وإن كان عليه دين فهي أحق بالسكنى من الغرماء وتباع للغرماء ويشترط السكنى على المشتري). وقال الثوري: (إن كانت حاملا أنفق عليها من جميع المال حتى تضع، فإذا وضعت أنفق على الصبي من نصيبه) هذه رواية الأشجعي عنه، وروى عنه المعافى أن نفقتها من حصتها. وقال الأوزاعي في المرأة يموت زوجها وهي حامل: (فلا نفقة لها، وإن كانت أم ولد فلها النفقة من جميع المال حتى تضع). وقال الليث بن سعد في أم الولد إذا كانت حاملا منه: (فإنه ينفق عليها من المال، فإن ولدت كان ذلك في حظ ولدها، وإن لم تلد كان ذلك دينا يتبع به). وقال الحسن بن صالح: (للمتوفى عنها زوجها النفقة من جميع المال). وقال الشافعي في المتوفى عنها زوجها قولين: أحدهما:
(لها النفقة والسكنى) والآخر: (لا نفقة لها ولا سكنى).
قال أبو بكر: لا تخلو نفقة الحامل من أحد ثلاثة أوجه: إما أن تكون واجبة على حسب وجوبها بديا حين كانت عدتها حولا في قوله تعالى: (وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج)، أو أن تكون واجبة على حسب وجوبها للمطلقة المبتوتة، أو تجب للحامل دون غيرها لأجل الحمل. والوجه الأول باطل، لأنها كانت واجبة على وجه الوصية والوصية للوارث منسوخة. والوجه الثاني لا يصح أيضا، من قبل أن النفقة لم تكن واجبة في حال الحياة وإنما لم تجب حالا فحالا على حسب مضي الأوقات وتسليم نفسها في بيت الزوج، ولا يجوز إيجابها بعد الموت من وجهين، أحدهما: أن سبيلها أن يحكم بها الحاكم على الزوج ويثبتها في ذمته وتؤخذ من ماله، وليس للزوج ذمة فتثبت فيها، فلم يجز أخذها من ماله إذا لم تثبت عليه، والثاني: أن ذلك الميراث قد انتقل إلى الورثة بالموت، إذا لم يكن هناك دين عند الموت، فغير جائز إثباتها في مال الورثة ولا في مال الزوج فتؤخذ منه. وإن كانت حاملا لم يخل إيجاب النفقة لها في مال الزوج من أحد وجهين: إما أن يكون وجوبها متعلقا بكونها في العدة أو لأجل الحمل، وقد بينا أن إيجابها لأجل العدة غير جائز، ولا يجوز إيجابها لأجل الحمل، لأن الحمل نفسه لا يستحق نفقة على الورثة إذ هو موسر مثلهم بميراثه، ولو ولدته لم تجب نفقته على الورثة، فكيف تجب له في حال الحمل؟ فلم يبق وجه يستحق به النفقة، والله أعلم.
باب التعريض بالخطبة في العدة قال الله تعالى: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في