على ما عنده: لا والله! أو يقول: بلى والله! وإن اتفق مخبره على خلافه، لأنه إنما أخبر عن عقيدته وضميره، والله الموفق.
باب الامتنان بالصدقة قال الله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى) الآية، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس) وقال تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى) وقال تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) [الروم: 39] أخبر الله تعالى في هذه الآيات أن الصدقات إذا لم تكن خالصة لله عارية من من وأذى فليست بصدقة، لأن إبطالها هو إحباط ثوابها فيكون فيها بمنزلة من لم يتصدق، وكذلك سائر ما يكون سبيله وقوعه على وجه القربة إلى الله تعالى، فغير جائز أن يشوبه رياء ولا وجه غير القربة، فإن ذلك يبطله كما قال تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد: 33] وقال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) [البينة: 5] فما لم يخلص لله تعالى من القرب فغير مثاب عليه فاعله. ونظيره أيضا قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) [الشورى: 20] ومن أجل ذلك قال أصحابنا: (لا يجوز الاستيجار على الحج وفعل الصلاة وتعليم القرآن وسائر الأفعال التي شرطها أن تفعل على وجه القربة، لأن أخذ الأجر عليها يخرجها عن أن تكون قربة لدلائل هذه الآيات ونظائرها). وروى عمرو عن الحسن في قوله تعالى:
(لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) قال: هو المتصدق يمن بها، فنهاه الله عن ذلك وقال: ليحمد الله إذ هداه للصدقة. وعن الحسن في قوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم) قال: (يثبتون أين يضعون أموالهم) وعن الشعبي قال: (تصديقا ويقينا من أنفسهم). وقال قتادة: (ثقة من أنفسهم). والمن في الصدقة أن يقول المتصدق: قد أحسنت إلى فلان ونعشته وأغنيته، فذلك ينغصها على المتصدق بها عليه والأذى قوله: أنت أبدا فقير وقد بليت بك وأراحني الله منك، ونظيره من القول الذي فيه تعبير له بالفقر، فقال تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى) يعني والله أعلم: ردا جميلا ومغفرة - قيل فيها ستر الخلة على السائل، وقيل العفو عمن ظلمه - خير من صدقة يتبعها أذى، لأنه يستحق المأثم بالمن والأذى، ورد السائل بقول جميل فيه السلامة من المعصية، فأخبر الله تعالى أن ترك الصدقة برد جميل