يكون موليا إذا حلف أن لا يجامعها على وجه الضرار والغضب. والثاني: ما روي عن ابن عباس: أن كل يمين حالت دون الجماع إيلاء، ولم يفرق بين الرضا والغضب، وهو قول إبراهيم وابن سيرين والشعبي والثالث ما روي عن سعيد بن المسيب أنه في الجماع وغيره من الصفات نحو أن يحلف أن لا يكلمها فيكون موليا وقد روى جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم قال: تزوجت امرأة فلقيت ابن عباس فقال: بلغني أن في حلقها شيئا! قال: تالله لقد خرجت وما أكلمها! قال: عليك بها قبل أن تمضي أربعة أشهر. فهذا يدل على موافقة قول سعيد بن المسيب، ويدل على موافقة ابن عمر في أن الهجران من غير يمين هو الإيلاء. والرابع: قول ابن عمر أنه إن هجرها فهو إيلاء، ولم يذكر الحلف. فأما من فرق بين حلفه على ترك جماعها ضرارا وبينه على غير وجه الضرار، فإنه ذهب إلى أن الجماع حق لها ولها المطالبة به وليس له منعها حقها من ذلك، فإذا حلف على ترك حقها من الجماع كان موليا حتى تصل إلى حقها من الفرقة، إذ ليس له إلا إمساكها بمعروف أو تسريح بإحسان. وأما إذا قصد الصلاح في ذلك، بأن تكون مرضعة فحلف أن لا يجامعها لئلا يضر ذلك بالصبي، فهذا لم يقصد منع حقها ولا هو غير ممسك لها بمعروف فلا يلزم التسريح بالإحسان ولا يتعلق بيمينه حكم الفرقة.
وقوله: (فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم) يستدل من اعتبر الضرار، لأن ذلك يقتضي أن يكون مذنبا يقتضي الفئ غفرانه. وهذا عندنا لا يدل على تخصيصه من كان هذا وصفه، لأن الآية قد شملت الجميع، وقاصد الضرر أحد من شمله العموم، فرجع هذا الحكم إليه دون غيره. ويدل على استواء حال المطيع والعاصي في ذلك أنهما يستويان في وجوب الكفارة بالحنث، كذلك يجب أن يستويا في إيجاب الطلاق بمضي المدة.
وأيضا سائر الأيمان المعقودة لا يختلف فيها حكم المطيع والعاصي فيما يتعلق بها من إيجاب الكفارة، وجب أن يكون كذلك حكم الطلاق، لأنهما جميعا يتعلقان باليمين.
وأيضا لا يختلف حكم الرجعة على وجه الضرار وغيره، كذلك الإيلاء، وفقهاء الأمصار على خلاف ذلك، لأن الآية لم تفرق بين المطيع والعاصي فهي عامة في الجميع. وأما قول من قال (إنه إذا قصد ضرارها بيمين على الكلام ونحوه) فلا معنى له، لأن قوله (للذين يؤلون من نسائهم) لا خلاف أنه قد أضمر فيه اليمين على ترك الجماع، لاتفاق الجميع على أن الحالف على ترك جماعها مول، فترك الجماع مضمر في الآية عند الجميع فأثبتناه، وما عدا ذلك من ترك الكلام ونحوه لم تقم الدلالة على إضماره في الآية فلم يضمره. ويدل على ما بيناه قوله: (فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم) ومعلوم عند الجميع أن المراد بالفئ هو الجماع ولا خلاف بين السلف فيه، فدل ذلك على أن