له: هذا غلط من وجهين، أحدهما: عموم اللفظ في اختيار الأزواج وفي غيره، والثاني:
أن اختيار الأزواج لا يحصل لها به فعل في نفسها وإنما يحصل ذلك بالعقد الذي يتعلق به أحكام النكاح، وأيضا فقد ذكر الاختيار مع العقد بقوله: (إذا تراضوا بينهم بالمعروف).
ذكر الاختلاف في ذلك اختلف الفقهاء في عقد المرأة على نفسها بغير ولي، فقال أبو حنيفة: (لها أن تزوج نفسها كفوا وتستوفي المهر ولا اعتراض للولي عليها) وهو قول زفر (وإن زوجت نفسها غير كفو فالنكاح جائز أيضا وللأولياء أن يفرقوا بينهما). وروي عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب، فهذا يدل على أن من مذهبهما جواز النكاح بغير ولي، وهو قول محمد بن سيرين والشعبي والزهري وقتادة. وقال أبو يوسف: (لا يجوز النكاح بغير ولي، فإن سلم الولي جاز، وإن أبى أن يسلم والزوج كفو أجازه القاضي) وإنما يتم النكاح عنده حين يجيزه القاضي، وهو قول محمد. وقد روي عن أبي يوسف غير ذلك، والمشهور عنه ما ذكرناه. قال الأوزاعي: (إذا ولت أمرها رجلا فزوجها كفوا فالنكاح جائز، وليس للولي أن يفرق بينهما). وقال ابن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح والشافعي: (لا نكاح إلا بولي).
وقال ابن شبرمة: (لا يجوز النكاح إلا بولي، وليس الوالدة بولي ولا أن تجعل المرأة وليها رجلا إلا قاض من قضاة المسلمين). وقال ابن القاسم عن مالك: (إذا كانت امرأة معتقة أو مسكينة أو دنية لا خطر لها، فلا بأس أن تستخلف رجلا ويزوجها، ويجوز).
وقال مالك: (وكل امرأة لها مال وغنى وقدر فإن تلك ينبغي أن يزوجها إلا الأولياء أو السلطان) قال: وأجاز مالك للرجل أن يزوج المرأة وهو من فخذها وإن كان غيره أقرب منه إليها. وقال الليث في المرأة تزوج بغير ولي: (إن غيره أحسن منه يرفع أمرها إلى السلطان، فإن كان كفوا أجازه ولم يفسخه) وذلك في الثيب، وقال في السوداء تزوج بغير ولي: (إنه جائز)، قال: (والبكر إذا زوجها غير ولي والولي قريب حاضر فهذا الذي أمره إلى الولي يفسخه له السلطان إن رأى لذلك وجها، والولي من قبل هذا أولى من الذي أنكحها).
قال أبو بكر: وجميع ما قدمنا من دلائل الآي الموجبة لجواز عقدها تقضي بصحة قول أبي حنيفة في هذه المسألة، ومن جهة السنة حديث ابن عباس، حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس، أن رسول الله