حسنا) [العنكبوت: 8] وذلك عموم في الوالدين الكافرين والمسلمين، ثم عطف عليه قوله تعالى (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) [العنكبوت: 8] وذلك خاص في الوالدين المشركين، فلم يمنع ذلك عموم أول الخطاب في الفريقين من المسلمين والكفار، والله أعلم بالصواب.
باب حق الزوج على المرأة وحق المرأة على الزوج قال الله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) قال أبو بكر رحمه الله: أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا، وإن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه مثله بقوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) ولم يبين في هذه الآية ما لكل واحد منهما على صاحبه من الحق مفسرا، وقد بينه في غيرها وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فمما بينه الله تعالى من حق المرأة عليه قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء: 19] وقوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) وقال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء: 34] وكانت هذه النفقة من حقوقها عليه، وقال تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء: 34] فجعل من حقها عليه أن يوفيها صداقها، وقال تعالى:
(وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا ولم فلا تأخذوا منه شيئا) [النساء: 20] فجعل من حقها عليه أن لا يأخذ مما أعطاها شيئا إذا أراد فراقها وكان النشوز من قبله، لأن ذكر الاستبدال يدل على ذلك. وقال تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) [النساء: 129] فجعل من حقها عليه ترك إظهار الميل إلى غيرها. وقد دل ذلك على أن من حقها القسم بينها وبين سائر نسائه، لأن فيه ترك إظهار الميل إلى غيرها، ويدل عليه أن عليه وطأها بقوله تعالى: (فتذروها كالمعلقة) [النساء: 129] يعني: لا فارغة فتتزوج ولا ذات زوج إذ لم يوفها حقها من الوطء، ومن حقها أن لا يمسكها ضرارا على ما تقدم من بيانه. وقوله تعالى: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) إذا كان خطابا للزوج فهو يدل على أن من حقها إذا لم يمل إليها أن لا يعضلها عن غيره بترك طلاقها.
فهذه كلها من حقوق المرأة على الزوج، وقد انتظمت هذه الآيات إثباتها لها.
ومما بين الله من حق الزوج على المرأة قوله تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) [النساء: 34] فقيل فيه: (حفظ مائه في رحمها ولا تحتال في إسقاطه) ويحتمل: حفظ فراشها عليه، ويحتمل: حافظات لما في بيوتهن من مال