الجوبري الدمشقي قال: حدثنا مروان قال: أخبرنا هلال بن ميمون الرملي، عن يعلى بن شداد، عن أم حرام، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المائد في البحر الذي يصيبه القئ له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين) هذه والله تعالى أعلم.
باب تحريم الميتة قال الله تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله). قال أبو بكر: الميتة في الشرع اسم للحيوان الميت غير المذكى، وقد يكون ميتة بأن يموت حتف أنفه من غير سبب لآدمي فيه، وقد يكون ميتة لسبب فعل آدمي إذا لم يكن فعله فيه على وجه الذكاة المبيحة له. وسنبين شرائط الذكاة في موضعها إن شاء الله تعالى. والميتة وإن كانت فعلا لله تعالى وقد علق التحريم بها مع علمنا بأن التحريم والتحليل والحظر والإباحة إنما يتناولان أفعالنا ولا يجوز أن يتناولا فعل غيرنا، إذ غير جائز أن ينهى الانسان عن فعل غيره ولا أن يؤمر به، فإن معنى ذلك لما كان معقولا عند المخاطبين جاز إطلاق لفظ التحريم والتحليل فيه وإن لم يكن حقيقة، وكان ذلك دليلا على تأكيد حكم التحريم، فإنه يتناول سائر وجوه المنافع، ولذلك قال أصحابنا: لا يجوز الانتفاع بالميتة على وجه ولا بطعمها الكلاب والجوارح، لأن ذلك ضرب من الانتفاع بها، وقد حرم الله الميتة تحريما مطلقا معلقا بعينها مؤكدا به حكم الحظر فلا يجوز الانتفاع بشئ منها إلا أن يخص شئ منها بدليل يجب التسليم له.
وقد روي عن النبي عليه السلام تخصيص ميتة السمك والجراد من هذه الجملة بالإباحة، فروى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والسمك، وأما الدمان فالطحال والكبد). وروى عمرو بن دينار عن جابر في قصة جيش الخبط أن البحر ألقى إليهم حوتا فأكلوا منه نصف شهر، ثم لما رجعوا أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هل عندكم منه شئ تطعموني؟). عمرو ولا خلاف بين المسلمين في إباحة السمك غير الطافي وفي الجراد.
ومن الناس من استدل على تخصيص عموم آية تحريم الميتة بقوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم) [المائدة: 96] ويقول النبي عليه السلام في حديث صفوان بن سليم الزرقي، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته). وسعيد بن سلمة مجهول غير معروف بالثبت، وقد خالفه في سنده يحيى بن سعيد الأنصاري، فرواه عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا الاختلاف في السند يوجب