وعند الرمي والطواف. وقيل فيه أن أهل الجاهلية كانوا يقفون عند قضاء المناسك فيذكرون مآثرهم ومفاخر آبائهم، فأبدلهم الله به ذكره وشكره على نعمه والثناء عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات: (إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) ثم تلا: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات: 13] فكان خروج الكلام على حال لأهل الجاهلية في ذكرهم آباءهم، والله أعلم.
باب أيام منى والنفر فيها قال الله عز وجل: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه). قال أبو بكر: روى سفيان وشعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيام منى ثلاثة أيام التشريق، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه). واتفق أهل العلم على أن قوله بيان المراد الآية في قوله: (أيام معدودات)، ولا خلاف بين أهل العلم أن المعدودات أيام التشريق، وقد روي ذلك عن علي وعمر وابن عباس وابن عمر وغيرهم، إلا شئ رواه ابن أبي ليلى عن المنهال عن زر عن علي قال: (المعدودات يوم النحر ويومان بعده اذبح في أيها شئت).
وقد قيل إن هذا وهم، والصحيح عن علي أنه قال ذلك في المعلومات. وظاهر الآية ينفي ذلك أيضا، لأنه قال: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)، وذلك لا يتعلق بالنحر وإنما يتعلق برمي الجمار والمفعول في أيام التشريق. وأما المعلومات، فقد روي عن علي وابن عمر: (أن المعلومات يوم النحر ويومان بعده، واذبح في أيها شئت) قال ابن عمر:
(المعدودات أيام التشريق)، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: (المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق). وقد روى ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس:
(المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده أيام التشريق، والمعدودات يوم النحر وثلاثة أيام بعده التشريق). وروى عبد الله بن موسى: أخبرنا عمارة بن ذكوان عن مجاهد عن ابن عباس قال: (المعدودات أيام العشر والمعلومات أيام النحر). فقوله المعدودات إنها أيام العشر، لا شك في أنه خطأ ولم يقل به أحد، وهو خلاف الكتاب، قال الله تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثلاث. وقد روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أن المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق، وهو قول الجمهور من التابعين، منهم الحسن ومجاهد وعطاء والضحاك وإبراهيم في آخرين منهم. وقد روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد: أن المعلومات العشر والمعدودات