والحكم: (عمرته في الشهر الذي يحل فيه) وروي عن إبراهيم مثله. وقال عطاء وطاوس: (عمرته في الشهر الذي دخل فيه الحرم) وروي عن الحسن وإبراهيم رواية أخرى، قالا: (عمرته في الشهر الذي يطوف فيه) وهو قول مجاهد، وكذلك قال أصحابنا: (إنه يعتبر الطواف، فإن فعل أكثر الطواف في رمضان فهو غير متمتع، وإن فعل أكثره في شوال فهو متمتع) وذلك لأن من أصلهم أن فعل الأكثر بمنزلة الكل في باب امتناع ورود الفساد عليها، فإذا تمت عمرته في رمضان فهو غير جامع بينهما في أشهر الحج وبقاء الإحرام لا حكم له، ألا ترى أنه لو أحرم بعمرة فأفسدها ثم حل منها ثم حج من عامه لم يكن متمتعا؟ لأن العمرة لم تتم في أشهر الحج مع اجتماع إحراميهما في أشهر الحج، وكذلك لو قرن ثم وقف بعرفات قبل أن يطوف لعمرته لم يكن متمتعا، فلا اعتبار إذا باجتماع الإحرامين في أشهر الحج، وإنما الواجب اعتبار فعل العمرة مع الحج في أشهر الحج. وكذلك قول من قال (عمرته في الشهر الذي يهل فيه) لا معنى له، لما بينا من سقوط اعتبار الإحرام دون أفعالها، والله أعلم بالصواب.
باب ذكر اختلاف أهل العلم في حاضري المسجد الحرام قال أبو بكر: اختلف الناس في ذلك على أربعة أوجه: فقال عطاء ومكحول: (من دون المواقيت إلى مكة وهو قول أصحابنا، إلا أن أصحابنا يقولون: (أهل المواقيت بمنزلة دونها). وقال ابن عباس ومجاهد: (هم أهل الحرم). وقال الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج: (هم أهل مكة) وهو قول مالك بن أنس. وقال الشافعي:
(هم من كان أهله دون ليلتين وهو حينئذ أقرب المواقيت، وما كان وراءه فعليهم المتعة).
قال أبو بكر: لما كان أهل المواقيت فمن دونها إلى مكة لهم أن يدخلوها بغير إحرام، وجب أن يكونوا بمنزلة أهل مكة، ألا ترى أن من خرج من مكة فما لم يجاوز الميقات فله الرجوع ودخولها بغير إحرام وكان تصرفهم في الميقات فما دونه بمنزلة تصرفهم في مكة؟ فوجب أن يكونوا بمنزلة أهل مكة في حكم المتعة، ويدل على أن الحرم وما قرب منه أهل من حاضري المسجد الحرام قوله تعالى: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) [التوبة: 7] وليس أهل مكة منهم، لأنهم كانوا قد أسلموا حين فتحت، فإنما نزلت الآية بعد الفتح في حجة أبي بكر. وهم بنو مدلج وبنو الدئل، وكانت منازلهم خارج مكة في الحرم وما قرب منه.
فإن قيل: كيف يكون أهل ذي الحليفة من حاضري المسجد الحرام وبينهم وبينها