يستحقه، ويستحيل ثبوت ذلك له على نفسه فبطل، وأما الحديث الذي روي فيه فهو معارض بضده، وهو ما حدثنا ابن قانع قال: حدثنا المقبري قال: حدثنا خالد بن يزيد بن صفوان النوفلي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن عباس، وعن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به) فنفى هذا الخبر ظاهر ما أثبته خبر سمرة بن جندب الذي احتجوا به، مع موافقته لما ذكرنا من ظاهر الآي ومعانيها من إيجاب الله تعالى القود للمولى ومن نفيه لملك العبد بقوله: (لا يقدر على شئ) [النحل: 75] ولو انفرد خبر سمرة عن معارضة الخبر الذي قدمناه لما جاز القطع به لاحتماله لغير ظاهره، وهو أنه جائز أن يكون رجل أعتق عبده ثم قتله أو جدعه أو لم يقدم على ذلك ولكنه هدده به، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من قتل عبده قتلناه) يعني عبده المعتق الذي كان عبده. وهذا الإطلاق شائع في اللغة والعادة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال حين أذن قبل طلوع الفجر: (ألا أن العبد نام) وقد كان حرا في ذلك الوقت. وقال علي عليه السلام: (ادعو إلى هذا العبد الأبظر) يعني شريحا حين قضى في ابني عم أحدهما أخ لأم بأن الميراث للأخ من الأم، لأنه كان قد جرى عليه رق في الجاهلية فسماه بذلك.
وقال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم) [النساء: 2] والمراد الذين كانوا يتامى. وقال عليه السلام: (تستأمر هو اليتيمة في نفسها) يعني التي كانت يتيمة. ولا يمتنع أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من قتل عبده قتلناه) ما وصفناه فيمن كان عبدا فأعتق، وزال بهذا توهم متوهم لو ظن أن مولى النعمة لا يقاد بمولاه الأسفل كما لا يقاد والد بولده. وقد كان جائزا أن يسبق إلى ظن بعض الناس أن لا يقاد به، لأنه عليه السلام قد جعل حق مولى النعمة كحق الوالد، والدليل عليه قوله عليه السلام: (لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه) فجعل عتقه لأبيه كفاء لحقه ومساويا ليده عنده ونعمته لديه، والله أعلم.
باب القصاص بين الرجال والنساء قال الله تعالى: (كتب عليكم القصاص في القتلى) وقال: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) [الإسراء: 33] فظاهر ما ذكر من ظواهر الآي الموجبة للقصاص في الأنفس بين العبيد والأحرار موجب للقصاص بين الرجال والنساء فيها. وقد اختلف الفقهاء في ذلك، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وابن شبرمة: (لا قصاص بين