سورة الفاتحة مكية وآياتها سبع * (بسم الله الرحمن الرحيم) * أ القول في تأويل بسم.
قال أبو جعفر: إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أدب نبيه محمدا (ص) بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها، وسبيلا يتبعونه عليها، في افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل بسم الله، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف. وذلك أن الباء من بسم الله مقتضية فعلا يكون لها جالبا، ولا فعل معها ظاهر، فأغنت سامع القائل بسم الله معرفته بمراد قائله من إظهار قائل ذلك مراده قولا، إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا قد أحضر منطقه به، إما معه وإما قبله بلا فصل، ما قد أغنى سامعه من دلالة شاهدة على الذي من أجله افتتح قيله به. فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه، نظير استغنائه إذا سمع قائلا قيل له: ما أكلت اليوم؟ فقال: طعاما، عن أن يكرر المسؤول مع قوله طعاما أكلت لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل. فمعقول إذا أن قول القائل إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم ثم افتتح تاليا سورة، أن اتباعه بسم الله الرحمن الرحيم تلاوة السورة، ينبئ عن معنى قوله: بسم الله الرحمن الرحيم ومفهوم به أنه مريد بذلك أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
وكذلك قوله: بسم الله عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله، ينبئ عن معنى مراده بقوله بسم الله، وأنه أراد بقيله بسم الله: أقوم بسم الله، وأقعد بسم الله وكذلك سائر الأفعال.