ويعني بقوله: (ويقتلون النبيين بغير الحق): أنهم كانوا يقتلون رسل الله بغير إذن الله لهم بقتلهم منكرين رسالتهم جاحدين نبوتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).
وقوله: (ذلك) رد على " ذلك " الأولى. ومعنى الكلام: وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، من أجل كفرهم بآيات الله، وقتلهم النبيين بغير الحق، من أجل عصيانهم ربهم، واعتدائهم حدوده، فقال جل ثناؤه: (ذلك بما عصوا) والمعنى:
ذلك بعصيانهم وكفرهم معتدين. والاعتداء: تجاوز الحد الذي ده الله لعباده إلى غيره، وكل متجاوز حد شئ إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه. ومعنى الكلام: فعلت بهم ما فعلت من ذلك بما عصوا أمري، وتجاوزوا حدي إلى ما نهيتهم عنه. القول في تأويل قوله تعالى:
(إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62)).
قال أبو جعفر: أما الذين آمنوا فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله، وأيمانهم بذلك: تصديقهم به على ما قد بيناه فيما مضى من كتابنا هذا. وأما الذين هادوا، فهم اليهود، ومعنى هادوا: تابوا، يقال منه: هاد القوم يهودون هودا وهادة. وقيل:
إنما سميت اليهود يهود من أجل قولهم: (إن هدنا إليك) (1).
914 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاح، عن ابن جريج، قال: إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا: (إن هدنا إليك) (1).
القول في تأويل قوله تعالى: (والنصارى).
قال أبو جعفر: والنصارى جمع، واحدهم نصران، كما واحد سكارى سكران، وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على فلان، فإن جمعه على فعالى، إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد النصارى نصراني. وقد حكي عنهم سماعا " نصران " بطرح الياء، ومنه قول الشاعر: