فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها. كما:
حدثت عن المنجاب، قال: ثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون قال: يضرون. وقد دللنا فيما مضى على أن أصل الظلم وضع الشئ في غير موضعه بما فيه الكفاية، فأغنى ذلك عن إعادته.
وكذلك ربنا جل ذكره لا تضره معصية عاص، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم، ولا تنفعه طاعة مطيع، ولا يزيد في ملكه عدل عادل بل نفسه يظلم الظالم، وحظها يبخس العاصي، وإياها ينفع المطيع، وحظها يصيب العادل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) * والقرية التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا فيما ذكر لنا: بيت المقدس. ذكر الرواية بذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: ادخلوا هذه القرية قال: بيت المقدس.
حدثني موسى بن هارون، قال: حدثني عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وإذ قلنا ادخلوا هذذ القرية أما القرية فقرية بيت المقدس.
حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية يعني بيت المقدس.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألته يعني ابن زيد عن قوله:
ادخلوا هذه القرية فكلوا منها قال: هي أريحا، وهي قريبة من بيت المقدس.
القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا منها حيث شئتم رغدا.
يعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب. وقد بينا معنى الرغد فيما مضى من كتابنا، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه.
القول في تأويل قوله تعالى: وادخلوا الباب سجدا.