ظهرانيهم ممن كان مشركا فانتقل إلى النفاق بمقدم رسول الله (ص). القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) * قال أبو جعفر: وهذا من الله عز وجل احتجاج لنبيه محمد (ص) على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب وضلالهم الذين افتتح بقصصهم قوله جل ثناؤه: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم وإياهم يخاطب بهذه الآيات، وضرباءهم يعنى بها، قال الله جل ثناؤه: وإن كنتم أيها المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين في شك وهو الريب مما نزلنا على عبدنا محمد (ص) من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي، وأني الذي أنزلته إليه، فلم تؤمنوا به ولم تصدقوه فيما يقول، فأتوا بحجة تدفع حجته لأنكم تعلمون أن حجة كل ذي نبوة على صدقه في دعواه النبوة أن يأتي ببرهان يعجز عن أن يأتي بمثله جميع الخلق، ومن حجة محمد (ص) على صدقه وبرهانه على نبوته، وأن ما جاء به من عندي، عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك، وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والدراية، فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز. كما كان برهان من سلف من رسلي وأنبيائي على صدقه وحجته على نبوته من الآيات ما يعجز عن الاتيان بمثله جميع خلقي. فيتقرر حينئذ عندكم أن محمدا لم يتقوله ولم يختلقه، لان ذلك لو كان منه اختلافا وتقولا لم يعجزوا وجميع خلقه عن الاتيان بمثله، لان محمدا (ص) لم يعد أن يكون بشرا مثلكم، وفي مثل حالكم في الجسم وبسطة الخلق وذرابة اللسان، فيمكن أن يظن به اقتدار على ما عجزتم عنه، أو يتوهم منكم عجز عما اقتدر عليه.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فأتوا بسورة من مثله.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: فأتوا بسورة من مثله يعني من مثل هذا القرآن حقا وصدقا لا باطل فيه ولا كذب.