إنما سمت بذلك لان الأرض دحيت منها، فصارت لجميعها أما. ومن ذلك قول حميد بن ثور الهلالي:
إذا كانت الخمسون أمك لم يكن * لدائك إلا أن تموت طبيب لان الخمسين جامعة ما دونها من العدد، فسماها أما للذي قد بلغها.
وأما تأويل اسمها أنها السبع، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القرء والعلماء في ذلك. وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات.
فقال أعظم أهل الكوفة: صارت سبع آيات ب " بسم الله الرحمن الرحيم "، وروي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتابعين.
وقال آخرون: هي سبع آيات، وليس منهن " بسم الله الرحمن الرحيم "، ولكن السابعة: (أنعمت عليهم). وذلك قول أعظم قراء أهل المدينة ومتفقهيهم.
قال أبو جعفر: وقد بينا الصواب من القول عندنا في ذلك في كتابنا: " اللطيف في أحكام شرائع الاسلام "، بوجيز من القول. وسنستقصي بيان ذلك بحكاية أقوال المختلفين فيه، من الصحابة والتابعين والمتقدمين والمتأخرين، في كتابنا الأكبر: " في أحكام شرائع الاسلام "، إن شاء الله ذلك.
وأما وصف النبي (صلى الله عليه وسلم) آياتها السبع بأنهن مثان، فلانها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة، وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك.
111 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال:
سألت الحسن عن قوله: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) (1) قال: هي فاتحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع، فقرأها: (الحمد لله رب العالمين) حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كل قراءة، أو قال: في كل صلاة، الشك من أبي جعفر. والمعنى الذي قلنا في ذلك قصد أبو النجم العجلي بقوله:
الحمد لله الذي عافاني * وكل خير بعده أعطاني (2) من القرآن والمثاني