الهاء التي في تلاوته، وهما جميعا من ذكر الكتاب الذي قال الله: الذين آتيناهم الكتاب فأخبر الله جل ثناؤه أن المؤمن بالتوراة هو المتبع ما فيها من حلالها وحرامها، والعامل بما فيها من فرائض الله التي فرضها فيها على أهلها، وأن أهلها الذين هم أهلها من كان ذلك صفته دون من كان محرفا لها مبدلا تأويلها مغيرا سننها تاركا ما فرض الله فيها عليه.
وإنما وصف جل ثناؤه من وصف بما وصف به من متبعي التوراة، وأثنى عليهم بما أثنى به عليهم لان في اتباعها اتباع محمد نبي الله (ص) وتصديقه، لان التوراة تأمر أهلها بذلك وتخبرهم عن الله تعالى ذكره بنبوته وفرض طاعته على جميع خلق الله من بني آدم، وإن في التكذيب بمحمد التكذيب لها. فأخبر جل ثناؤه أن متبعي التوراة هم المؤمنون بمحمد (ص)، وهم العاملون بما فيها. كما:
1575 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
أولئك يؤمنون به قال: من آمن برسول الله (ص) من بني إسرائيل، وبالتوراة، وأن الكافر بمحمد (ص) هو الكافر بها الخاسر، كما قال جل ثناؤه: ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون.
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون.
يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يكفر به ومن يكفر بالكتاب الذي أخبر أنه يتلوه من آتاه من المؤمنين حق تلاوته. ويعني بقوله جل ثناؤه: يكفر يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد (ص)، وتصديقه، ويبدله، فيحرف تأويله أولئك هم الذين خسروا علمهم وعملهم فبخسوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله واستبدلوا بها سخط الله وغضبه.
وقال ابن زيد في قوله بما:
1576 - حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون قال: من كفر بالنبي (ص) من يهود، فأولئك هم الخاسرون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين) * وهذه الآية عظة من الله تعالى ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله (ص)، وتذكير منه لهم ما سلف من أياديه إليهم في صنعه بأوائلهم استعطافا منه لهم