الغيب، إلا ما علمتنا كما علمت آدم. وسبحان مصدر لا تصرف له، ومعناه: نسبحك، كأنهم قالوا: نسبحك تسبيحا، وننزهك تنزيها، ونبرؤك من أن نعلم شيئا غير ما علمتنا.
القول في تأويل قوله تعالى: إنك أنت العليم الحكيم.
قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: أنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك. وذلك أنهم نفوا عن أنفسهم بقولهم:
لا علم لنا إلا ما علمتنا أن يكون لهم علم إلا ما علمهم ربهم، وأثبتوا ما نفوا عن أنفسهم من ذلك لربهم بقولهم: إنك أنت العليم يعنون بذلك العالم من غير تعليم، إذ كان من سواك لا يعلم شيئا إلا بتعليم غيره إياه. والحكيم: هو ذو الحكمة. كما:
حدثني به المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، العليم: الذي قد كمل في علمه والحكيم: الذي قد كمل في حكمه.
وقد قيل: إن معنى الحكيم: الحاكم، كما أن العليم بمعنى العالم، والخبير بمعنى الخابر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) * قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ووصفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لامره دون غيرهم الذين يفسدون فيها ويسفكون الدماء، أنهم من الجهل بمواقع تدبيره ومحل قضائه، قبل إطلاعه إياهم عليه، على نحو جهلهم بأسماء الذين عرضهم عليهم، إذ كان ذلك مما لم يعلمهم فيعلموه، وأنهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلا ما علمهم إياه ربهم، وأنه يخص بما شاء من العلم من شاء من الخلق ويمنعه منهم من شاء كما علم آدم أسماء ما عرض على الملائكة ومنعهم من علمها إلا بعد تعليمه إياهم.
فأما تأويل قوله: قال يا آدم أنبئهم يقول: أخبر الملائكة. والهاء والميم في قوله:
أنبئهم عائدتان على الملائكة، وقوله: بأسمائهم يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة. والهاء والميم اللتان في أسمائهم كناية عن ذكر هؤلاء التي في قوله: أنبئوني بأسماء هؤلاء. فلما أنبأهم يقول: فلما أخبر آدم الملائكة بأسماء الذين عرضهم