وتأويل ذلك كالذي قاله ابن عباس، الذي:
288 - حدثنا به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: إنما نحن مصلحون أي قالوا: إنما نريد الاصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. وخالفه في ذلك غيره.
289 - حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قال: إذا ركبوا معصية الله، فقيل لهم: لا تفعلوا كذا وكذا، قالوا: إنما نحن على الهدى مصلحون.
قال أبو جعفر: وأي الامرين كان منهم في ذلك أعني في دعواهم أنهم مصلحون فهم لا شك أنهم كانوا يحسبون أنهم فيما أتوا من ذلك مصلحون. فسواء بين اليهود والمسلمين كانت دعواهم الاصلاح أو في أديانهم، وفيما ركبوا من معصية الله، وكذبهم المؤمنين فيما أظهروا لهم من القول وهم لغير ما أظهروا مستبطنون، لأنهم كانوا في جميع ذلك من أمرهم عند أنفسهم محسنين، وهم عند الله مسيئون، ولأمر الله مخالفون لان الله جل ثناؤه قد كان فرض عليهم عداوة اليهود وحربهم مع المسلمين، وألزمهم التصديق برسول الله (ص) وبما جاء به من عند الله كالذي ألزم من ذلك المؤمنين، فكان لقاؤهم اليهود على وجه الولاية منهم لهم، وشكهم في نبوة رسول الله (ص) وفيما جاء به أنه من عند الله أعظم الفساد، وإن كان ذلك كان عندهم إصلاحا وهدى: في أديانهم، أو فيما بين المؤمنين واليهود، فقال جل ثناؤه فيهم: ألا إنهم هم المفسدون دون الذين ينهونهم من المؤمنين عن الافساد في الأرض ولكن لا يشعرون.] القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) * وهذا القول من الله جل ثناؤه تكذيب للمنافقين في دعواهم إذا أمروا بطاعة الله فيما أمرهم الله به، ونهوا عن معصية الله فيما نهاهم الله عنه. قالوا: إنما نحن مصلحون لا مفسدون، ونحن على رشد وهدى فيما أنكرتموه علينا دونكم لا ضالون. فكذبهم الله عز وجل في ذلك من قيلهم، فقال: ألا إنهم هم المفسدون المخالفون أمر الله عز وجل، المتعدون حدوده الراكبون معصيته، التاركون فروضه وهم لا يشعرون ولا يدرون أنهم كذلك، لا الذين يأمرونهم بالقسط من المؤمنين وينهونهم عن معاصي الله في أرضه من المسلمين.] القول في تأويل قوله تعالى: