فيما أمره به من السجود لآدم، كما كفرت اليهود نعم ربها التي آتاها وآباءها قبل: من إطعام الله أسلافهم المن والسلوى، وإظلال الغمام عليهم وما لا يحصى من نعمه التي كانت لهم، خصوصا ما خص الذين أدركوا محمدا (ص) بإدراكهم إياه ومشاهدتهم حجة الله عليهم فجحدت نبوته بعد علمهم به، ومعرفتهم بنبوته حسدا وبغيا. فنسبه الله جل ثناؤه إلى الكافرين، فجعله من عدادهم في الدين والملة، وإن خالفهم في الجنس والنسبة، كما جعل أهل النفاق بعضهم من بعض لاجتماعهم على النفاق، وإن اختلفت أنسابهم وأجناسهم، فقال: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يعني بذلك أن بعضهم من بعض في النفاق والضلال، فكذلك قوله في إبليس: كان من الكافرين كان منهم في الكفر بالله ومخالفته أمره وإن كان مخالفا جنسه أجناسهم ونسبه نسبهم. ومعنى قوله:
وكان من الكافرين أنه كان حين أبى عن السجود من الكافرين حينئذ.
وقد روي عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية أنه كان يقول في تأويل قوله: وكان من الكافرين في هذا الموضع وكان من العاصين.
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: وكان من الكافرين يعني العاصين.
وحدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بمثله.
وذلك شبيه بمعنى قولنا فيه. وكان سجود الملائكة لآدم تكرمة لآدم وطاعة لله، لا عبادة لآدم. كما:
حدثنا به بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فكانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) * قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دلالة واضحة على صحة قول من قال: إن إبليس أخرج