حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس، قال: لما فرض الله عز وجل عليهم يعني على هؤلاء الذين وصف الله أمرهم في كتابه من بني إسرائيل هذا الذي ذكر أنه أخذ ميثاقهم به، أعرضوا عنه استثقالا وكراهية، وطلبوا ما خف عليهم إلا قليلا منهم، وهم الذين استثنى الله فقال: ثم توليتم يقول: أعرضتم عن طاعتي إلا قليلا منكم قال: القليل الذين اخترتهم لطاعتي، وسيحل عقابي بمن تولى وأعرض عنها يقول: تركها استخفافا بها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة، عن ابن عباس: ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون أي تركتم ذلك كله.
وقال بعضهم: عنى الله جل ثناؤه بقوله: وأنتم معرضون اليهود الذين كانوا على عهد رسول الله (ص)، وعنى بسائر الآية أسلافهم كأنه ذهب إلى أن معنى الكلام: ثم توليتم إلا قليلا منكم ثم تولى سلفكم إلا قليلا منهم، ولكنه جعل خطابا لبقايا نسلهم على ما ذكرناه فيما مضى قبل. ثم قال: وأنتم يا معشر بقاياهم معرضون أيضا عن الميثاق الذي أخذ عليكم بذلك وتاركوه ترك أوائلكم.
وقال آخرون: بل قوله: ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون خطاب لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله (ص) من يهود بني إسرائيل، وذم لهم بنقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة وتبديلهم أمر الله وركوبهم معاصيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون) * قال أبو جعفر: قوله: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم في المعنى والاعراب نظير قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله. وأما سفك الدم، فإنه صبه وإراقته.
فإن قال قائل: وما معنى قوله: لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من