دون حالة؟ قيل له: إن معنى ذلك على غير الوجه الذي ظننت، وإنما معناه: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أي فلا تفارقوا هذا الدين وهو الاسلام أيام حياتكم وذلك أن أحدا لا يدري متى تأتيه منيته، فلذلك قالا لهم: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون لأنكم لا تدرون متى تأتيكم مناياكم من ليل أو نهار، فلا تفارقوا الاسلام فتأتيكم مناياكم وأنتم على غير الدين الذي اصطفاه لكم ربكم فتموتوا وربكم ساخط عليكم فتهلكوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) * يعني تعالى ذكره بقوله: أم كنتم شهداء أكنتم، ولكنه استفهم ب أم إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه، كما قيل: ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه، وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه تستفهم فيه ب أم، والشهداء جمع شهيد كما الشركاء جمع شريك، والخصماء جمع خصيم.
وتأويل الكلام: أكنتم يا معشر اليهود والنصارى المكذبين بمحمد (ص)، الجاحدين نبوته، حضور يعقوب وشهوده إذ حضره الموت، أي أنكم لم تحضروا ذلك. فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل، وتنحلوهم اليهودية والنصرانية، فإني ابتعثت خليلي إبراهيم وولده إسحاق وإسماعيل وذريتهم بالحنيفية المسلمة، وبذلك وصوا بنيهم وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم، فلو حضرتموهم فسمعتم منهم علمتم أنهم على غير ما تنحلوهم من الأديان والملل من بعدهم.
وهذه آيات نزلت تكذيبا من الله تعالى لليهود والنصارى في دعواهم في إبراهيم وولده يعقوب أنهم كانوا على ملتهم، فقال لهم في هذه الآية: أم كنتم شهداء إذ حضر