السماء بفسقهم. غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد للخبر الذي ذكرت عن رسول الله (ص) في اخباره عن الطاعون أنه رجز، وأنه عذب به قوم قبلنا. وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا لان الخبر عن رسول الله (ص) لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك. وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم.
القول في تأويل قوله تعالى ذكره: بما كانوا يفسقون.
وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الفسق: الخروج من الشئ.
فتأويل قوله: بما كانوا يفسقون إذا بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره. القول في تأويل قوله تعالى:
(* وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدون اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) * يعني بقوله: وإذ استسقى موسى لقومه: وإذ استسقانا موسى لقومه: أي سألنا أن نسقي قومه ماء. فترك ذكر المسؤول ذلك، والمعنى الذي سأل موسى، إذ كان فيما ذكر من الكلام الظاهر دلالة على معنى ما ترك. وكذلك قوله: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا مما استغني بدلالة الظاهر على المتروك منه. وذلك أن معنى الكلام، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر، فضربه فانفجرت. فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر، إذ كان فيما ذكر دلالة على المراد منه. وكذلك قوله: قد علم كل أناس مشربهم إنما معناه: قد علم كل أناس منهم مشربهم، فترك ذكر منهم لدلالة الكلام عليه.
وقد دللنا فيما مضى على أن الناس جمع لا واحد له من لفظه، وأن الانسان لو جمع على لفظه لقيل: أناسي وأناسية. وقوم موسى هم بنو إسرائيل الذين قص الله عز وجل قصصهم في هذه الآيات، وإنما استسقى لهم ربه الماء في الحال التي تاهوا فيها في التيه، كما:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة،