* (وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت سميع العليم) * يعني تعالى ذكره بقوله: وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت) واذكروا إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت. والقواعد جمع قاعدة يقال للواحدة من قواعد البيت قاعدة، وللواحدة من قواعد النساء وعجائزهن قاعد، فتلغى هاء التأنيث، لأنها فاعل من قول القائل: قعدت عن الحيض، ولا حظ فيه للذكورة، كما يقال: امرأة طاهر وطامث لأنه لا حظ في ذلك للذكور ولو عنى به القعود الذي هو خلاف القيام لقيل قاعدة، ولم يجز حينئذ اسقاط هاء التأنيث. وقواعد البيت: أساسه.
ثم اختلف أهل التأويل في القواعد التي رفعها إبراهيم وإسماعيل من البيت أهما أحدثا ذلك أم هي قواعد كانت له قبلهما؟ فقال قوم: هي قواعد بيت كان بناه آدم أبو البشر بأمر الله إياه بذلك، ثم درس مكانه وتعفى أثره بعده حتى بوأه الله إبراهيم عليه السلام، فبناه. ذكر من قال ذلك:
1677 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريح، عن عطاء قال: قال آدم: يا رب إني لا أسمع أصوات الملائكة قال: بخطيئتك، ولكن اهبط إلى الأرض وابن لي بيتا، ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء. فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل: من حراء، وطور زيتا، وطور سينا، وجبل لبنان، والجودي، وكان ربضه من حراء، فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم بعد.
1678 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا: معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) قال:
القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.
وقال آخرون: بل هي قواعد بيت كان الله أهبطه لآدم من السماء إلى الأرض، يطوف به كما كان يطوف بعرشه في السماء، ثم رفعه إلى السماء أيام الطوفان، فرفع إبراهيم قواعد ذلك البيت: ذكر من قال ذلك: