لاهتداء المؤمن به، واهتداؤه به اتخاذه إياه هاديا يتبعه وقائدا ينقاد لامره ونهيه وحلاله وحرامه. والهادي من كل شئ ما تقدم أمامه، ومن ذلك قيل لأوائل الخيل: هواديها، وهو ما تقدم أمامها، وكذلك قيل للعنق: الهادي: لتقدمها أمام سائر الجسد.
وأما البشرى فإنها البشارة. وأخبر الله عباده المؤمنين جل ثناؤه أن القرآن لهم بشرى منه، لأنه أعلمهم بما أعد لهم من الكرامة عنده في جناته، وما هم إليه صائرون في معادهم من ثوابه. وذلك هو البشرى التي بشر الله بها المؤمنين في كتابه، لان البشارة في كلام العرب هي إعلام الرجل بما لم يكن به عالما مما يسره من الخير قبل أن يسمعه من غيره أو يعلمه من قبل غيره. وقد روي في ذلك عن قتادة قول قريب المعنى مما قلناه.
1355 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد: عن قتادة، قوله:
هدى وبشرى للمؤمنين) لان المؤمن إذا سمع القرآن حفظه ورعاه وانتفع به واطمأن إليه وصدق بموعود الله الذي وعد فيه، وكان على يقين من ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) * وهذا خبر من الله جل ثناؤه: من كان عدوا لله من عاداه وعادى جميع ملائكته ورسله، وإعلام منه أن من عادى جبريل فقد عاداه وعادى ميكائيل وعادى جميع ملائكته ورسله لان الذين سماهم الله في هذه الآية هم أولياء الله وأهل طاعته، ومن عادى لله وليا فقد عادى الله وبارزه بالمحاربة، ومن عادى الله فقد عادى جميع أهل طاعته وولايته لان العدو لله عدو لأوليائه، والعدو لأولياء الله عدو له. فكذلك قال لليهود الذين قالوا: إن جبريل عدونا من الملائكة، وميكائيل ولينا منهم: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين من أجل أن عدو جبريل عدو كل ولي لله.
فأخبرهم جل ثناؤه أن من كان عدوا لجبريل فهو لكل من ذكره من ملائكته ورسله وميكال عدو، وكذلك عدو بعض رسل الله عدو لله ولكل ولي. وقد:
1356 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله يعني العتكي عن رجل من قريش، قال: سأل النبي (ص) اليهود فقال: أسألكم بكتابكم الذي تقرأون هل تجدون به قد بشر بي عيسى بن مريم أن يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ فقالوا: