لكم: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا. أتحاجوننا في الله يعني بقوله: في الله في دين الله الذي أمرنا أن ندينه به، وربنا وربكم واحد عدل لا يجوز، وإنما يجازي العباد على ما اكتسبوا. وتزعمون أنكم أولى بالله منا لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم، ونحن مخلصون له العبادة لم نشرك به شيئا، وقد أشركتم في عبادتكم إياه، فعبد بعضكم العجل وبعضكم المسيح. فأنى تكونوا خيرا منا، وأولى بالله منا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون) * قال أبو جعفر: في قراءة ذلك وجهان أحدهما: أم تقولون بالتاء، فمن قرأ كذلك فتأويله: قل يا محمد للقائلين لك من اليهود والنصارى كونوا هودا أو نصارى تهتدوا: أتجادلوننا في الله أم تقولون إن إبراهيم؟ فيكون ذلك معطوفا على قوله:
أتحاجوننا في الله. والوجه الآخر منهما أم يقولون بالياء. ومن قرأ ذلك كذلك وجه قوله: أم يقولون إلى أنه استفهام مستأنف، كقوله: أم يقولون افتراه وكما يقال:
إنها لابل أم شاء. وإنما جعله استفهاما مستأنفا لمجئ خبر مستأنف، كما يقال: أتقوم أم يقوم أخوك؟ فيصير قوله: أم يقوم أخوك خبرا مستأنفا لجملة ليست من الأول واستفهاما مبتدأ. ولو كان نسقا على الاستفهام الأول لكان خبرا عن الأول، فقيل: أتقوم أم تقعد.
وقد زعم بعض أهل العربية أن ذلك إذا قرئ كذلك بالياء، فإن كان الذي بعد أم جملة تامة فهو عطف على الاستفهام الأول لان معنى الكلام: قيل أي هذين الامرين كائن، هذا أم هذا؟.
والصواب من القراءة عندنا في ذلك: أم تقولون بالتاء دون الياء عطفا على قوله:
قل أتحاجوننا بمعنى: أي هذين الامرين تفعلون؟ أتجادلوننا في دين الله، فتزعمون أنكم أولى منا، وأهدى منا سبيلا، وأمرنا وأمركم ما وصفنا على ما قد بيناه أيضا، أم تزعمون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن سمى الله كانوا هودا أو نصارى على