وقبحه في وجهه، وكان في وصفها من الشئ وجهه بما تصفه به إبانة عن عين الشئ ونفسه.
فكذلك معنى قوله جل ثناؤه: بلى من أسلم وجهه لله إنما يعني: بلى من أسلم لله بدنه، فخضع له بالطاعة جسده وهو محسن في إسلامه له جسده، فله أجره عند ربه. فاكتفى بذكر الوجه من ذكر جسده لدلالة الكلام على المعنى الذي أريد به بذكر الوجه.
وأما قوله: وهو محسن فإنه يعني به في حال إحسانه. وتأويل الكلام: بلى من أخلص طاعته لله وعبادته له محسنا في فعله ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
يعني بقوله جل ثناؤه: فله أجره عند ربه فللمسلم وجهه لله محسنا جزاؤه وثوابه على إسلامه وطاعته ربه عند الله في معاده.
ويعني بقوله: ولا خوف عليهم على المسلمين وجوههم لله وهم محسنون، المخلصين له الدين في الآخرة من عقابه وعذاب جحيمه، وما قدموا عليه من أعمالهم.
ويعني بقوله: ولا هم يحزنون ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم في الدنيا، ولا أن يمنعوا ما قدموا عليه من نعيم ما أعد الله لأهل طاعته.
وإنما قال جل ثناؤه: ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقد قال قبل: فله أجره عند ربه لان من التي في قوله: بلى من أسلم وجهه لله في لفظ واحد ومعنى جميع، فالتوحيد في قوله: فله أجره للفظ، والجمع في قوله: ولا خوف عليهم للمعنى.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) * قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أهل الكتابين تنازعوا عند رسول الله (ص)، فقال بعضهم لبعض. ذكر من قال ذلك: