وكذلك قول الراجز الآخر:
نشدتكم بمنزل الفرقان * أم الكتاب السبع من مثاني تبين من آي من القرآن * والسبع سبع الطول الدواني (1) وليس في وجود اسم السبع المثاني لفاتحة الكتاب ما يدفع صحة وجود اسم المثاني للقرآن كله، ولما يثني من السور، لان لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما لا يفسد بتسمية بعض ذلك بالمثاني تسمية غيره فيها. فأما وجه تسمية ما ثنى المئين من سور القرآن بالمثاني، فقد بينا صحته، وسندل على صحة وجه تسمية جميع القرآن به عند انتهائنا إليه في سورة الزمر إن شاء الله.
القول في تأويل الاستعاذة تأويل قوله (أعوذ). قال أبو جعفر:
والاستعاذة: الاستجارة، وتأويل قول القائل " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ":
أستجير بالله غيره من سائر خلقه من الشيطان، أن يضرني في ديني، أو يصدني عن حق يلزمني لربي.
تأويل قوله: (من الشيطان). قال أبو جعفر:
والشيطان في كلام العرب، كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شئ.
وكذلك قال ربنا جل ثناؤه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) (2) فجعل من الانس شياطين مثل الذي جعل من الجن. وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه، وركب برذونا، فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا، فنزل عنه، وقال: " ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه أنكرت نفسي! ".
112 - حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب، قال: خبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر.
قال أبو جعفر: وإنما سمي المتمرد من كل شئ شيطانا، لمفارقة أخلاقه وأفعاله