محسن وظالم لنفسه مبين يقول: ليس كل ذريتك يا إبراهيم على الحق.
1611 - حدثني يحيى بن جعفر، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: لا ينال عهدي الظالمين قال: لا ينال عهدي عدو لي يعصيني، ولا أنحلها إلا وليا يطيعني.
وهذا الكلام وإن كان ظاهره ظاهر خبر عن أنه لا ينال من ولد إبراهيم صلوات الله عليه عهد الله الذي هو النبوة والإمامة لأهل الخير، بمعنى الاقتداء به في الدنيا، والعهد الذي بالوفاء به ينجو في الآخرة، من وفي لله به في الدنيا، من كان منهم ظالما متعديا جائرا عن قصد سبيل الحق. فهو إعلام من الله تعالى ذكره لإبراهيم أن من ولده من يشرك به، ويجوز عن قصد السبيل، ويظلم نفسه وعباده. كالذي:
1612 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: ثنا عتاب بن بشر، عن خصيف، عن مجاهد في قوله: لا ينال عهدي الظالمين قال: إنه سيكون في ذريتك ظالمون.
وأما نصب الظالمين، فلان العهد هو الذي لا ينال الظالمين. وذكر أنه في قراءة ابن مسعود: لا ينال عهدي الظالمون بمعنى أن الظالمين هم الذين لا ينالون عهد الله. وإنما جاز الرفع في الظالمين والنصب، وكذلك في العهد لان كل ما نال المرء فقد ناله المرء، كما يقال: نالني خير فلان ونلت خيره، فيوجه الفعل مرة إلى الخير ومرة إلى نفسه. وقد بينا معنى الظلم فيما مضى فكرهنا إعادته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) * أما قوله: وإذ جعلنا البيت مثابة فإنه عطف ب إذ على قوله: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات. وقوله: وإذا ابتلى إبراهيم معطوف على قوله: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي واذكروا إذا ابتلى إبراهيم ربه، وإذ جعلنا البيت مثابة. والبيت الذي جعله الله مثابة للناس هو البيت الحرام.