القول في تأويل فاتحة الكتاب:
* (الحمد لله رب العالمين) * قال أبو جعفر: معنى: الحمد لله: الشكر خالصا لله جل ثناؤه دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق وغذاهم به من نعيم العيش من غير استحقاق منهم لذلك عليه، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم. فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا.
وبما ذكرنا من تأويل قول ربنا جل ذكره وتقدست أسماؤه: الحمد لله جاء الخبر عن ابن عباس وغيره:
126 - حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: قال جبريل لمحمد: قل يا محمد: الحمد لله.
قال ابن عباس: الحمد لله: هو الشكر، والاستخذاء لله، والاقرار بنعمته وهدايته وابتدائه، وغير ذلك.
127 - وحدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثني عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير وكانت له صحبة قال: قال النبي (ص): إذا قلت الحمد لله رب العالمين، فقد شكرت الله فزادك.
قال: وقد قيل إن قول القائل: الحمد لله ثناء على الله بأسمائه وصفاته الحسنى، وقوله: الشكر لله ثناء عليه بنعمه وأياديه.
وقد روي عن كعب الأحبار أنه قال: الحمد لله ثناء على الله. ولم يبين في الرواية عنه من أي معنى الثناء الذي ذكرنا ذلك.
128 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثني