بالذي هو في منطقهم من الكلام فقال: فما ربحت تجارتهم إذ كان معقولا عندهم أن الربح إنما هو في التجارة كما النوم في الليل، فاكتفى بفهم المخاطبين بمعنى ذلك عن أن يقال: فما ربحوا في تجارتهم، وإن كان ذلك معناه، كما قال الشاعر:
وشر المنايا ميت وسط أهله * كهلك الفتاة أسلم الحي حاضره يعني بذلك: وشر المنايا منية ميت وسط أهله فاكتفى بفهم سامع قيله مراده من ذلك عن إظهار ما ترك إظهاره. وكما قال رؤبة بن العجاج:
حارث قد فرجت عني همي * فنام ليلي وتجلى غمي فوصف بالنوم الليل، ومعناه أنه هو الذي نام. وكما قال جرير بن الخطفي:
وأعور من نبهان أما نهاره * فأعمى وأما ليله فبصير فأضاف العمى والابصار إلى الليل والنهار، ومراده وصف النبهاني بذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: وما كانوا مهتدين.
يعني بقوله جل ثناؤه: وما كانوا مهتدين ما كانوا رشداء في اختيارهم الضلالة على الهدى، واستبدالهم الكفر بالايمان، واشترائهم النفاق بالتصديق والاقرار.] القول في تأويل قوله تعالى:
(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17)).
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) وقد