* (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) * قال أبو جعفر: وتأويل قوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا: واتقوا يوما لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا. وجائز أيضا أن يكون تأويله: واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس شيئا، كما قال الراجز:
قد صبحت صبحها السلام * بكبد خالطها سنام في ساعة يحبها الطعام وهو يعني: يحب فيها الطعام، فحذفت الهاء الراجعة على اليوم، إذ فيه اجتزاء بما ظهر من قوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس الدال على المحذوف منه عما حذف، إذ كان معلوما معناه.
وقد زعم قوم من أهل العربية أنه لا يجوز أن يكون المحذوف في هذا الموضع إلا الهاء.
وقال آخرون: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا فيه. وقد دللنا فيما مضى على جواز حذف كل ما دل الظاهر عليه.
وأما المعنى في قوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا فإنه تحذير من الله تعالى ذكره عباده الذين خاطبهم بهذه الآية عقوبته أن تحل بهم يوم القيامة، وهو اليوم الذي لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا، ولا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا.
وأما تأويل قوله: لا تجزي نفس فإنه يعني: لا تغني. كما:
حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: واتقوا يوما لا تجزي نفس أما تجزي: فتغني.
وأصل الجزاء في كلام العرب: القضاء والتعويض، يقال: جزيته قرضه ودينه أجزيه جزاء، بمعنى: قضيته دينه، ومن ذلك قيل: جزى الله فلانا عني خيرا أو شرا، بمعنى: أثابه