الكلام باستعمال إضافة الجنايات التي يجنيها الناس إلى أيديهم حتى أضيف كل ما عوقب عليه الانسان مما جناه بسائر أعضاء جسده إلى أنها عقوبة على ما جنته يده فلذلك قال جل ثناؤه للعرب: ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم يعني به: ولن يتمنى اليهود الموت بما قدموا أمامهم في حياتهم من كفرهم بالله في مخالفتهم أمره وطاعته في اتباع محمد (ص) وما جاء به من عند الله، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، ويعلمون أنه نبي مبعوث.
فأضاف جل ثناؤه ما انطوت عليه قلوبهم وأضمرته أنفسهم ونطقت به ألسنتهم من حسد محمد (ص)، والبغي عليه، وتكذيبه، وجحود رسالته إلى أيديهم، وأنه مما قدمته أيديهم، لعلم العرب معنى ذلك في منطقها وكلامها، إذ كان جل ثناؤه إنما أنزل القرآن بلسانها وبلغتها. وروي عن ابن عباس في ذلك ما:
1309 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: بما قدمت أيديهم يقول: بما أسلفت أيديهم.
1310 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
بما قدمت أيديهم قال: إنهم عرفوا أن محمدا (ص) نبي فكتموه.
وأما قوله: والله عليم بالظالمين فإنه يعني جل ثناؤه: والله ذو علم بظلمة بني آدم: يهود ها ونصاراها وسائر أهل الملل غيرها، وما يعملون. وظلم اليهود كفرهم بالله في خلافهم أمره وطاعته في اتباع محمد (ص) بعد أن كانوا يستفتحون به وبمبعثه، وجحودهم نبوته وهم عالمون أنه نبي الله ورسوله إليهم. وقد دللنا على معنى الظالم فيما مضى بما أغنى عن إعادته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون) * يعني بقوله جل ثناؤه: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة اليهود يقول: يا محمد لتجدن أشد الناس حرصا على الحياة في الدنيا وأشدهم كراهة للموت اليهود. كما:
1311 - حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد فيما يروي أبو جعفر عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس: