* (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) * قال أبو جعفر: الميثاق: المفعال من الوثيقة إما بيمين، وإما بعهد أو غير ذلك من الوثائق.
ويعني بقوله: وإذ أخذنا ميثاقكم الميثاق الذي أخبر جل ثناؤه أنه أخذ منهم في قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا الآيات الذي ذكر معها. وكان سبب أخذ الميثاق عليهم فيما ذكره ابن زيد ما:
حدثني به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد:
لما رجع موسى من عند ربه بالألواح قال لقومه بني إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله، وأمره الذي أمركم به، ونهيه الذي نهاكم عنه، فقالوا: ومن يأخذه بقولك أنت؟
لا والله حتى نرى الله جهرة حتى يطلع الله علينا فيقول: هذا كتابي فخذوه فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ قال: فجاءت غضبة من الله فجاءتهم صاعقة فصعقتهم، فماتوا أجمعون. قال: ثم أحياهم الله بعد موتهم، فقال لهم موسى:
خذوا كتاب الله فقالوا: لا، قال: أي شئ أصابكم؟ قالوا: متنا ثم حيينا، قال: خذوا كتاب الله قالوا: لا. فبعث ملائكته فنتقت الجبل فوقهم، فقيل لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا:
نعم، هذا الطور، قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم قال: فأخذوه بالميثاق. وقرأ قول الله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا حتى بلغ:
وما الله بغافل عما تعملون قال: ولو كانوا أخذوه أول مرة لأخذوه بغير ميثاق.
القول في تأويل قوله تعالى: ورفعنا فوقكم الطور.
قال أبو جعفر: وأما الطور فإنه الجبل في كلام العرب، ومنه قول العجاج:
دانى جناحيه من الطور فمر * تقضي البازي إذا البازي كسر