ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الانعام: بالله، ولم يقل بسم الله، أنه مخالف بتركه قيل بسم الله ما سن له عند التذكية من القول. وقد علم بذلك أنه لم يرد بقوله بسم الله، بالله كما قال الزاعم أن اسم الله في قول الله: بسم الله الرحمن الرحيم، هو الله لان ذلك لو كان كما زعم، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته بالله قائلا ما سن له من القول على الذبيحة. وفي إجماع الجميع على أن قائل ذلك تارك ما سن له من القول على ذبيحته، إذا لم يقل بسم الله، دليل واضح على فساد ما ادعى من التأويل في قول القائل بسم الله أنه مراد به بالله، وأن اسم الله هو الله.
وليس هذا الموضع من مواضع الاكثار في الإبانة عن الاسم، أهو المسمى أم غيره أم هو صفة له؟ فنطيل الكتاب به، وإنما هذا موضع من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى الله، أهو اسم أم مصدر بمعنى التسمية؟ فإن قال قائل: فما أنت قائل في بيت لبيد بن ربيعة:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر فقد تأوله مقدم في العلم بلغة العرب، أنه معني به: ثم السلام عليكما، وأن اسم السلام هو السلام.
قيل له: لو جاز ذلك وصح تأويله فيه على ما تأول، لجاز أن يقال: رأيت اسم زيد، وأكلت اسم الطعام، وشربت اسم الشراب. وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأول قول لبيد: ثم اسم السلام عليكما، أنه أراد: ثم السلام عليكما، وادعائه أن ادخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السلام إنما جاز، إذ كان اسم المسمى هو المسمى بعينه.
ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا، فيقال لهم: أتستجيزون في العربية أن يقال أكلت اسم العسل، يعني بذلك أكلت العسل، كما جاز عندكم اسم السلام عليك، وأنتم تريدون السلام عليك؟ فإن قالوا: نعم خرجوا من لسان العرب، وأجازوا في لغتها ما تخطئه جميع العرب في لغتها. وإن قالوا لا سئلوا الفرق بينهما، فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله.