أخلاق سائر جنسه وأفعاله وبعده من الخير. وقد قيل إنه أخذ من قول القائل: شطنت داري من دارك، يريد بذلك بعدت. ومن ذلك قول النابغة بني ذبيان:
نأت بسعاد عنك نوى شطون * فبانت والفؤاد بها رهين والنوى: الوجه الذي نوته وقصدته، والشطون: البعد. فكأن الشيطان على هذا التأويل: فيعال من " شطن ". ومما يدل على أن ذلك كذلك قول أمية بن أبي الصلت:
أيما شاطن عصاه عكاه * ثم يلقى في السجن والأكبال (1) ولو كان " فعلان "، من شاط يشيط، لقال: أيما شائط، ولكنه قال: أيما شاطن، لأنه من شطن يشطن فهو شاطن.
تأويل قوله: (الرجيم). وأما الرجيم فهو فعيل بمعنى مفعول، كقول القائل: كف خضيب، لحية دهين، ورجل لعين، يريد بذلك: مخضوبة، ومدهونة، وملعون. وتأويل الرجيم: الملعون المشتوم. وكل مشتوم بقول ردئ أو سب فهو مرجوم. وأصل الرجم:
الرمي بقول كان أو بفعل. ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم لإبراهيم صلوات الله عليه:
(لئن لم تنته لأرجمنك) (2).
وقد يجوز أن يكون قيل الشيطان رجيم، لان الله جل ثناؤه طرده من سماواته ورجمه بالشهب الثواقب (3).
وقد روي عن ابن عباس، أن أول ما نزل جبريل على النبي (صلى الله عليه وسلم)، علمه الاستعاذة.
113 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس، قال: أول ما نزل جبريل على محمد، قال: يا محمد! قل أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم قال: قل:
بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) (4) قال عبد الله: وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل. فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه.